٣٦٣٢ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير)). متفق عليه.
٤٦٣٢ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير)). رواه البخاري.
٤٦٣٤ - وعن أنس، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على غلمان، فسلم عليهم. متفق عليه.
ــ
أقول: ولعل سقوط النون من المنفي نظراً إلى لفظ السابق ليعلق به أمر آخر. ونحن استقرأنا نسخ مسلم والحميدي وجامع الأصول وبعض نسخ الأصول، فوجدناها مثبتة بالنون على الظاهر.
واعلم أنه تعالى جعل إفشاء السلام سبباً للمحبة، والمحبة سبباً لكمال الإيمان؛ لأن إفشاء السلام سبب للتحاب والتواد، وهو سبب الألفة والجمعية بين المسلمين المسبب لكمال الدين وإعلاء كلمة الإسلام. وفي التهاجر والتقاطع والشحناء التفرقة بين المسلمين، وهو سبب لانثلام الدين والوهن في الإسلام، وجعل كلمة الذين كفروا العليا؛ قال الله تعالى:{واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم} الآية.
الحديث الخامس والسادس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((يسلم الراكب)) إنما يستحب ابتداء السلام للراكب؛ لأن وضع السلام إنما هو لحكمة إزالة الخوف بين الملتقيين إذا التقيا أو من أحدهما في الغالب، أو لمعنى التواضع المناسب لحال المؤمن، أو لمعنى التعظيم؛ لأن السلام إنما يقصد به أحد الأمرين: إما اكتساب ود، أو استدفاع مكروه، قاله أقضى القضاة الماوردى. فالراكب يسلم على الماشي وهو على القاعد للإيذان بالسلامة وإزالة الخوف، [والكثير على القليل] للتواضع، والصغير على الكبير للتوقير والتعظيم.
((مح)): وهذا الأدب هو فيما إذا تلاقا اثنان في طريق، أما إذا ورد على قعود أو قاعد، فإن الوارد يبدأ بالسلام بكل حال، سواء كان صغيراً أو كبيراً أو قليلاً أو كثيراً، قال المتولي: إذا لقى رجل جماعة فأراد أن يخص طائفة منهم بالسلام كره؛ لأن القصد من السلام المؤانسة والألفة. وفي تخصيص البعض إيحاش الباقين، وربما صار سبباً للعداوة، وإذا مشى في السوق والشوارع المطروقة كثيراً فالسلام هنا إنما يكون لبعض الناس دون بعض؛ لأنه لو سلم على كل لتشاغل به عن كل [مهم] ويخرج به عن العرف.
الحديث السابع عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((فسلم عليهم)) ((مح)): فيه استحباب السلام على