وفي رواية للبخاري. قال: إن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك. قال:((وعيكم)) فقالت عائشة: السام عليكم، ولعنكم الله، وغضب عليكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((مهلا يا عائشة! عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش)). قال: أولم
ــ
اتفقوا على الرد على أهل الكتاب إذا سلموا. لكن لا يقال لهم: وعليكم السلام، بل يقال: عليكم فقط أو وعليكم. وقد جاءت الأحاديث التي ذكرها مسلم ((عليكم وعليكم)) بإثبات الواو وحذفها، وأكثر الروايات وعليكم بإثباتها. وعلى هذا ففي معناه وجهان: أحدهما أنه على ظاهره، فقالوا: عليكم الموت. فقال: وعليكم أيضاً، أي نحن وأنتم فيه سواء كلنا نموت. والثاني أن الواو هنا للاستئناف لا للعطف والتشريك، وتقديره: وعليكم ما تستحقونه من الذم.
قال القاضي عياض: اختار بعض العلماء منهم ابن حبيب المالكي حذف الواو، لئلا تقتضي التشريك. وقال غيره بإثباتها كما هي في الروايات. وقال بعضهم: يقول: وعليكم السلام- بكسر السين- أي الحجارة، وهذا ضعيف. قال الخطابي: حذف الواو هو الصواب؛ لأنه صار كلامهم بعينة مردوداً عليهم خاصة. وإذا أصبت الواو اقتضى المشاركة معهم فيما قالوه.
قال الشيخ محيى الدين: والصواب أن إثبات الواو وحذفها جائزان كما صرحت به الروايات، وإثباتها أجود ولا مفسدة فيه؛ لأن السام الموت، وهو علينا وعليهم، فلا ضرر فيه. ((تو)): إثبات الواو في الرد عليكم إنما يحمل على معنى الدعاء لهم بالإسلام، إذا لم يعلم منه تعريض بالدعاء علينا. وأما إذا علم ذلك فالوجه فيه أن يكون التقدير: وأقول عليكم ما تستحقونه.
وإنما اختار هذه الصيغة، ليكون أبعد عن الإيحاش وأقرب إلى الرفق؛ فإن رد التحية يكون إما بأحسن منها، أو يقولنا: وعليك السلام، والرد عليهم، بأحسن مما حيونا به لا يجوز لنا ولا رد بأقل من قولنا: وعليك. وأما الرد بغير الواو فظاهر، أي عليكم ما تستحقونه.
((قض)): إذا علم التعريض بالدعاء علينا، فالوجه أن يقدر: وأقول: عليكم ما تريدون بنا أو تستحقونه. ولا يكون ((وعليكم)) عطفا على ((عليكم)) في كلامهم، وإلا لتضمن ذلك تقرير دعائهم، ولذلك قال في الحديث الذي قبله:((فقل: عليك)) بغير واو. وقد روى ذلك بالواو أيضاً: أقول: سواء عطف على ((عليكم)) أو على الجملة من حيث هي، لأن المعنى يدور مع إرادة المتكلم، فإذا أردت الاشتراك كان ذلك، وإن لم ترد حملت ذلك على معنى الحصول والوجود، كأنه قيل: حصل منهم ذاك ومنى هذا. قال ابن الحاجب: حروف العطف هي الحروف التي يشرك بها بين المتبوع والتابع في الإعراب، فإذا وقعت بعدها المفردات فلا إشكال، وإذا وقعت الجمل بعدها، فإن كانت من الجم التي هي صالحة لمعمول ما تقدم، كان