للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٩٩ - وعن سمرة بن جندب، والمغيرة بن شعبة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من حدث عني بحديث يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين)). رواه مسلم.

٢٠٠ - وعن معاوية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسم والله يعطي)). متفق عليه.

ــ

وستون من الصحابة، وفيهم العشرة المشهود لهم بالجنة. وقيل: أكثر من ذلك. وقيل: لا يعرف حديث اجتمع عليه العشرة إلا هذا. قال الشيخ: ثم لم يزل عدده على هذا، وأنه في الازدياد وهلم جرا على التوالي والاستمرار. وقال: المتواتر عبارة عن الخبر الذي ينقله من يحصل العلم بصدقه ضرورة، ولابد في إسناده من استمرار هذا الشرط في روايته من أوله إلى منتهاه.

والحديث الثاني عن سمرة: قوله: ((يرى)) ((شف)): وإنما سماه كاذباً؛ لأنه يعين المفترى، وشاركه بسبب إشاعته ونشره، فهو كمن أعان ظالماً على ظلمه. ((مح)): ((يرى)) ضبطناه بضم الياء، و ((الكاذبين)) بكسر الباء وفتح النون على الجمع، وهذا هو المشهور في اللفظتين.

قال القاضي عياض: الرواية فيه عندنا على صحيح مسلم في حديث سمرة ((الكاذبين)) بفتح الباء وكسر النون على التثنية، واحتج به على أن الراوي له يشارك البادي بهذا الكذب. ثم رواه أبو نعيم من رواية المغيرة ((الكاذبين أو الكاذبين)) على الشك في التثنية والجمع، وذكر بعض الأئمة جواز فتح الياء من: (يرى) بمعنى يعلم، وهو ظاهر حسن. فأما من ضم الياء فمعناه يظن، ويجوز أن يكون الفتح بمعنى يظن، وقد حكى رأي بمعنى ظن. وقيل: إنه لا يأثم إلا برواية ما يعلمه، أو يظنه كذباً، أما ما لا يعلمه، ولا يظنه فلا إثم عليه في روايته، وإن ظنه غيره كذباً أو علماً. وأقول: قوله: ((أحد الكاذبين)) من باب قولك: القلم أحد اللسانين، والخال أحد الأبوين، وقد مر بيانه.

الحديث الثالث عن معاوية: قوله: ((يفقهه)) ((نه)): الفقه في العلم: الفهم، يقال: فقه الرجل يفقه فقهاً إذا علم. وفقه- بالضمر- يفقه إذا صار فقيهاً عالماً. وجعله العرف خاصاً بعلم الشريعة، وتخصيصاً بعلم الفروق. وإنما خص علم الشريعة بالفقه؛ لأنه علم مستنبط بالقوانين والأدلة، والأقيسة، والنظر الدقيق بخلاف اللغة، والنحو، والصرف. روي أن سلمان نزل على نبطية بالعراق، فقال لها: هل هاهنا مكان نظيف أصلي فيه، فقالت: طهر قلبك وصل حيث شئت: فقال: فقهت. أي فهمت وفطنت الحق، ولو قال: علمت، لم يقع هذا الموقع. وعن الدارمي عن عمران قال: قلت للحسن يوماً في شيء قاله: يا أبا سعيد! ليس هكذا يقول الفقهاء، فقال: ويحك، هل رأيت فقيهاً قط؟ وإنما الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، البصير بأمر دينه، والمداوم على عبادة ربه.

((قض)): ((إنما أنا قاسم)) أي أنا أقسم بينكم، فألقى إلى كل واحد ما يليق به، والله سبحانه يوفق من يشاء منكم لفهمه، والتفكر في معناه، والعمل بمقتضاه. ((تو)): أعلم أصحابه-

<<  <  ج: ص:  >  >>