٤٧٨٤ - وعن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من الشعر حكمة)).رواه البخاري.
٤٧٨٥ - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هلك المتنطعون)) قالها ثلاثا. رواه مسلم.
ــ
المغزى والمقاصد؛ لأن مورد المثل على ما رواه الشيخ التوربشتي. وكان هذا القول منه صلى الله عليه وسلم عند قدوم وفد بني تميم، وكان فيهم الزبرقان وعمرو؛ ففخر الزبرقان؛ فقال: يا رسول الله! أنا سيد بني تميم، والمطاع فيهم والمجاب، أمنعهم من الظلم، وآخذ لهم بحقوقهم، وهذا يعلم بذلك فقال عمرو:((إنه لشديد المعارضة، مانع لجانبه، مطاع في ((إذنه)))).فقال الزبرقان: والله يا رسول الله؛ لقد علم مني غير ما قال، وما منعه أن يتكلم إلا الحسد، قال عمرو: أنا أحسدك فوالله إنك للئيم الخال، حديث المال، ضيق العطن، أحمق الولد، مضيع في العشيرة، والله يا رسول الله؛ لقد صدقت فيما قلت أولا، وما كذبت فيما قلت آخرا، ولكني رجل إذا رضيت قلت أحسن ما علمت، وإذا غضبت: قلت أقبح ما وجدت ولقد صدقت في الأولى والأخرى جميعا. قال النبي صلى الله عليه وسلم:((إن من البيان لسحرا)) قال الميداني: يضرب هذا المثل في استحسان المنطق وإيراد الحجة البالغة.
الحديث الثاني عن أبي: قوله: ((إن من الشعر حكمة)) ((حس)):معناه: أن من الشعر كلاما نافعا يمنع عن الجهل والسفه، وأصل الحكمة المنع، وبها سميت لجام الحكمة؛ لأنه بها تمنع الدابة، وأراد به ما نظمه الشعراء من المواعظ والأمثال التي ينتفع بها الناس قال الشافعي: والشعر كلام فحسنه ((لحسن)) الكلام. وفضله على الكلام أنه سائر، فإذا كان الشاعر لا يعرف بشتم المسلمين وأذاهم، ولا يمدح فيكثر الكذب المحض، ولا يشيب بامرأة بعينها يشهرها بما يشينها فجائز الشهادة، وإن كان على خلاف ذلك لم يجز.
الحديث الثالث عن ابن مسعود: قوله: ((المتنطعون)) ((تو)) أرد بهم المتعمقين الغالين في خوضهم فيما لا يعنيهم من الكلام، والأصل في المتنطع الذي يتكلم بأقصى حلقه مأخوذ من النطع، وهو الغار الأعلى فيه آثار، كالتحرير يخفف ويثقل. وإنما ردد القول ثلاثا تهويلا وتنبيها على ما فيه من الغائلة، وتحريضا على التيقظ والتبصر دونه، وكم تحت هذه الكلمة من مصيبة تعود على أهل اللسان، والمتكلفين في القول الذي يرمون بسبك الكلام سبى قلوب الرجال، ونسأل الله العافية.
أقول: لعل المذموم من هذا ما يكون القصد فيه مقصورا على مراعاة اللفظ، ويجيء المعنى