للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٧٩٨ - وروى الترمذي نحوه عن جابر، وفي روايته قالوا: يا رسول الله! قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال: ((المتكبرون)). [٤٧٩٨]

٤٧٩٩ - وعن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقر بألسنتهم)).رواه أحمد. [٤٧٩٩]

ــ

((نه)):الثرثارون هم الذين يكثرون الكلام تكلفا وخروجا عن الحق. والثرثرة كثرة الكلام وترديده. المتشدقون هم المتوسعون في الكلام من غير احتياط واحتراز. وقيل: المراد بالمتشدق المستهزئ بالناس يلوي شدقه لهم وعليهم. والمتفيهقون هم الذين يتوسعون في الكلام ويفتحون به أفواهم، مأخوذ من الفهق وهو الامتلاء والاتساع، يقال: فهقت الإناء يفهق فهقا، وبئر مفهاق كثيرة الماء.

وقيل: هذا من النكير والرعونة. وزاد في الفائق والنهاية على هذا: الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون. قالا: وهذا مثل وحقيقته من التوطئة وهي التمهيد والتذليل، وفراش وطئ، أي لا يؤذي جنب النائم. والأكناف الجوانب، أراد الذين جوانبهم وطيئة يتمكن فيها من يصاحب ولا يتأذى.

((مح)):كره التقعر في الكلام بالتشدق وتكلف السجع والفصاحة، والتصنع بالمقدمات التي يعتادها المتفاصحون، وزخارف القول، فكل ذلك من التكلف المذموم، وكذلك التحري في دقائق الإعراب، ووحشي اللغة في حال مخاطبة العوام، بل ينبغي أن يقصد في مخاطبته إياهم لفظا يفهمونه فهما جليا. ولا يدخل في الذم تحسين ألفاظ الخطب والمواعظ، إذا لم يكن فيها إفراط أو إغراب؛ لأن المقصود منها تهييج القلوب إلى طاعة الله تعالى، ولحسن اللفظ في هذا أثر ظاهر، هكذا ذكره في الأذكار.

الحديث الرابع عن سعد: قوله: ((كما تأكل البقرة بألسنتها)) ((تو)):ضرب للمعنى مثلا يشاهده الراءون من حال البقر؛ ليكون أثبت في الضمائر؛ وذلك أن سائر الدواب تأخذ من نبات الأرض بأسنانها، والبقر بلسانها، فضرب بها المثل لمعنيين: أحدهما: أنهم لا يهتدون من المأكل إلا ذلك سبيلا، كما أن البقرة لا تتمكن من الاحتشاش إلا بلسانها. والآخر: أنهم في مغزاهم ذلك كالبقرة التي لا تستطيع أن تميز في رعيها بين الرطب والشوكة، وبين الحلو والمر، بل تلف الكل بلسانها لفا، فكذلك هؤلاء الذين يتخذون ألسنتهم ذريعة إلى مأكلهم لا يميزون بين الحق والباطل، ولا بين الحلال والحرام، سماعون للكذب أكالون للسحت.

<<  <  ج: ص:  >  >>