٤٩٢٦ - وعن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة، فقلت: ما هذا؟ قالوا: حارثة بن النعمان، كذلكم البر، كذلكم البر)). وكان أبر الناس بأمه رواه في ((شرح السنة))، والبيهقي في ((شعب الإيمان)). وفي رواية: قال: ((نمت فرأيتني في الجنة)) بدل: ((دخلت الجنة)). [٤٩٢٦]
ــ
((مظ)): قوله: ((ليحرم الرزق بالذنب)) يؤول على تأويلين: أحدهما: أن يراد بالرزق الثواب في الآخرة. وثانيهما: أن يراد به الرزق الدنيوي من المال والصحة والعافية، وعلى هذا إشكال، فإنا نرى الكفار والفساق أكثر مالا وصحة من الصلحاء. والجواب أن الحديث مخصوص بمسلم يريد الله تعالى أن يرفع درجته في الآخرة يعذبه بسبب ذنبه، فيصفيه من الذنوب في الدنيا.
أقول: ويدل على الاختصاص تقييد هذه القرينة بالرجل دون القرينتين السابقتين، فالتعريف فيه: إما للجنس، فيكون المعنى: الرجل الكامل الحازم هو الذي يتفكر في عاقبة أمره، فإذا أذنب تكدر عليه صفاء رزقه، كما قال السجستاني، أو للعد فيراد منه بعض الجنس من المسلمين على ما عليه كلام المظهر.
الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((كذلك البر)) المشار إليه ما سبق والمخاطبون الصحابة؛ فإنه صلى الله عليه وسلم رأي هذه الرؤيا، وقصة على أصحابه، فلما بلغ إلى قوله:((حارثة بن النعمان)) نبههم على سبب نيل تلك الدرجة، فقال: كذلكم البر، أي مثل تلك الدرجة تنال بسبب البر.
فإن قلت: ما موقع هذه الجملة؟ قلت: موقعها التذييل كقوله تعالى: {وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون}.
وفيه من المبالغة أنه جعل جزاء البر برا، وعرف الخبر بلام الجنس تنبيهاً على أن هذه الدرجة القصيا لا تنال إلا ببسر الوالدين، وذلك أنه ورد في الحديث:((أنه يقال لصاحب لقرآن يوم القيامة: اقرأ وارتق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)) وفي معنى التكرار أيضاً استيعاب وتقرير وتوكيد.
فإن قلت: فما موقع ((وكان أبر الناس))؟ قلت: قوله: ((وكان أبر الناس)) الواو فيه إن كان