مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)). متفق عليه.
٤٩٥٩ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخوة المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى هاهنا)). ويشير إلى صدره ثلاث مرات ((بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه)). رواه مسلم.
ــ
ألقاه إلى الهلكة ولم يحمه من عدوه. وهو عام في كل من أسلمته إلى كل شيء لكن دخله التخصص، وغلب عليه الإلقاء في الهلكة.
الحديث الثالث عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لا يظلمه)) استئناف إما بيان للموجب وإما لوجه التشبيه. والخذلان ترك الإعانة والنصرة. قوله:((ولا يحقره)) ((مظ)): لا يجوز تحقير المتقي من الشرك والمعاصي. والتقوى محله القلب، وما كان محله القلب يكون مخفياً عن أعين الإنس. وإذا كان مخفياً فلا يجوز لأحد أن يحكم بعدم تقوى مسلم حتى يحقره. ويحتمل أن يكون معناه محل التقوى هو القلب، فمن كان في قلبه التقوى فلا يحقر مسلماً؛ لأن المتقي لا يحقر المسلم.
أقول: والقول الثاني أوجه والنظم له أدعى؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما شبه المسلم بالأخ لينبه على المساواة، وأن لا يرى أحد نفسه على أحد من المسلمين فضلاً ومزية، ويحب له ما يحب لنفسه. وتحقيره إياه مما ينافي هذه الحالة وينشأ منه قطع وصلة الأخوة التي أمر الله تعالى بها أن توصل. ومراعاة هذه الشريطة أمر صعب؛ لأنه ينبغي أن يسوي بين السلطان وأدنى العوام، وبين الغني والفقير، وبين القوي والضعيف والكبير والصغير. ولا يتمكن من هذه الخصلة إلا من امتحن الله قلبه للتقوى، وأخلصه من الكبر والغش والحقد، ونحوها: إخلاص الذهب الإبريز من خبثه ونقاه منها، فيؤثر لذلك أمر الله تعالى على متابعة الهوى؛ ولذلك جاء قوله صلى الله عليه وسلم:((التقوى هاهنا)) فإن كلا منهما متضمن للنهي عن الاحتقار.
وأنت عرفت أن موقع الاعتراض بين الكلام موقع التأكيد والتقرير. وقوله:((كل المسلم على المسلم ...)) إلخ. هو الغرض الأصلي والمقصود الأولى، والسابق كالتمهيد والمقدمة له. فجعل مال المسلم وعرضه جزاء منه تلويحاً إلى معنى ما روي:((حرمة مال المسلم كحرمة دمه)) والمال يبذل للعرض. قال: