٤٩٦٠ - وعن عياض بن حمار، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال. وأهل النار خمسة، الضعيف الذي لا زبر له: الذين هم
ــ
أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض في المال
ولما أن التقوى: تشد من عقد هذه الأخوة وتستوثق من عراها. قال الله تعالى:{إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله} يعني أنكم إن اتقيتم لم تحملكم التقوى إلا على التواصل والائتلاف والمسارعة إلى إماطة ما يفرط منه، ولأن مستقر التقوى ومكانه المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد. قال الله تعالى:{أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى}.
ولذلك كرر صلوات الله عليه هذه الكلمة، وأشار بيده إلى صدره ثلاثا. وإنما عدل الراوي من الماضي إلى المضارع استحضارا لتلك الحالة في مشاهدة السامع واهتماماً بشأنها. ونحوه قوله تعالى:{والهل الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً} ومن ثمة أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى صدره. ولم يقل: التقوى في القلب. وهذا الحديث من الجوامع وفصل الخطاب الذي خص به هذا النبي المكرم صلوات الله وسلامه عليه. قوله: ((بحسب امرئ)) مبتدأ والباء فيه زائدة. وقوله:((أن يحقر أخاه)) خبره، أي حسبه وكافيه من خلال الشرور ورذائل الأخلاق تحقير أخيه المسلم. والله أعلم.
الحديث الرابع عشر عن عياض: قوله: ((ذو سلطان)) أي سلطان لأنه ذو قهر وغلبة من السلاطة، وهي التمكن من القهر. قال الله تعالى:{ولو شاء الله لسلطهم} ومنه سمي السلطان. وقيل: ذو حجة لأنه تقام الحجج به. و ((المقسط)) العادل. يقال: أقسط يقسط فهو مقسط إذا عدل. وقسط يقسط فهو قاسط إذا جار. وكأن الهمزة فيه للسلب، كأن يقال: شكاه إليه فأشكاه. و ((الموفق)) هو الذي يهيئ له أسباب الخير وفتح له أبواب البر. وقوله:((رقيق القلب)) مفسر لقوله: ((رحيم)) أي يرق قلبه ويترحم لكل من بينه وبينه لحمة القرابة أو صلة الإسلام. و ((العفيف)) المتعفف المتجنب عن المحارم والمتحاشي عن السؤال، المتوكل على الله تعالى في أمره وأمر عياله. وإذا استقرأت أحوال العباد على اختلافها، فلعلك لم تجد أحداً يستأهل أن يدخل الجنة ويحق له أن يكون من أهلها، إلا وهو مندرج تحت هذه الأقسام غير خارج عنها.
قوله:((لا زبر له)) ((حس)): أي لا عقل له. وفي الغريبين: يقال: ما له زبر أي عقل. ((تو)):