يحب فيه نصرته وما من امرئ مسلم ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته)). رواه أبو داود. [٤٩٨٣]
٤٩٨٤ - وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من رأي عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة)). رواه أحمد، والترمذي وصححه. [٤٩٨٤]
٤٩٨٥ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أحدكم مرآة
ــ
الحديث السابع عشر عن عقبة: قوله: ((عورة)) أي خللا من هتك ستر أو وقع في عرض ونحوهما؛ لأن الناس يختل حالهم عندها، ومنها أعور الفارس وأعور المكان ((مظ)): يعني من رأي شيئاً قبيحا أو عيبا في مسلم فستره عليه، كان ثوابه كثواب من أحيا موءودة، أي من رأي حيا مدفوناً في قبره، فأخرج ذلك المدفون من القبر كيلا يموت ووجه تشبيه الستر على عيوب الناس بإحياء الموءودة، أن من انتهك ستره يكون من الخجالة كميت، ويحب الموت منها. فإذا ستر أحد على غيبه، فقد دفع عنه الجحالة التي هي عنده بمنزلة الموت.
أقول: يمكن أن يقال: إن وجه التشبيه الأمر العظيم، يعني من ستر على مسلم فقد ارتكب أمراً عظيماً كمن أحيا موءودة؛ فإنه أمر عظيم فيدل على فخامة تلك الشنعاء، نحو قوله تعالى:{ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً} الكشاف: فيه تعظيم قتل النفس وإحيائها في القلوب ليشمئز الناس عن الجسارة عليها، ويتراغبوا في المحاماة على حرمتها؛ لأن المعرض لقتل النفس إذا تصور قتلها بصورة قتل جميع الناس عظم ذلك عليه فثبطه. وكذلك الذي أراد إحياءها، انتهى كلامه. فكذلك من أراد أن يستر عيب مؤمن وعرضه، إذا تصور أنه أحيا الموءودة عظم عنده ستر عورة المؤمن، فيتحرى فيه ويبذل جهده.
الحديث الثامن عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((إن أحدكم مرآة أخيه)). قيل: أي المؤمن في إراءة عيب أخيه إليه، كالمرآة المجلوة التي تحكي كل ما ارتسم فيها من الصور