٥٠٠٥ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه. قال: فيبغضونه. ثم يوضع له البغضاء في الأرض)). رواه مسلم.
ــ
فعلى هذا بنى قوله:((فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)) فهي تفريع على التشبيه بمنزلة ترشيح الاستعارة. وهذا التعارف إلهامات يقذفها الله في قلوب العباد من غير إشعار منهم بالسابقة. ولا يمنع من هذا التعارف فصله بالأباعد والأجانب، ولا تضمه شجنة الأرحام والأواصر؛ قال الشاعر:
كانت مودة سلمان له نسبا ولم يكن بين نوح وابنه رحم
ولم يحظ آل قصي به وحظيت به أم معبد، قال:
فيا لقصي ما زوى الله عنكم به من فعال لا تجاري وسؤود
ليهن بني كعب مقام فتاتها ومقعدها للمؤمنين بمرصد
ولا يدفعه بعد الدار ولا يجمعه قربها
مناسبة الأرواح بيني وبينها وإلا فأين الترك من ساكني نجد
قال الحكيم: أقرب القرب مودة القلوب وإن تباعدت الأجسام. وأبعد البعد تنافر التداني، والله أعلم بالصواب.
الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((إذا أحب عبداً)). ((مح)): محبة الله سبحانه وتعالى العبد هي إرادة الخير له وهدايته وإنعامه عليه ورحمته. وبغضه إرادة عقابه وشقاوته ونحو ذلك. وحب جبريل والملائكة يحتمل وجهين: أحدهما: استغفارهم له وثناؤهم عليه ودعاؤهم. وثانيهما: أن محبتهم على ظاهرها المعروف من المخلوقين. وهو ميل القلب إليه واشتياقه إلى لقائه. وسبب حبهم إياه كونه مطيعاً لله محبوباً له. ومعنى ((يوضع له القبول في الأرض)) الحب في قلوب الناس ورضاهم عنه. فتميل إليه القلوب وترضى عنه. وقد جاء في رواية ((فتوضع له المحبة)) انتهى كلامه. والكلام في المحبة وبيان اشتقاقها مضى مستوفي في باب أسماء الله الحسنى.