للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٠٦ - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)) رواه مسلم.

٥٠٠٧ - وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته ملكا قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية.

قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله. قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه)) رواه مسلم.

ــ

الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((بجلالي)) الباء فيه بمعنى ((في)) لقوله بعد: ((المتحابون في جلالي لهم)) خص الجلال بالذكر لدلالته على الهيبة والسطوة أي المنزهون عن شائبة الهوى والنفس والشيطان في المحبة، فلا يتحابون إلا لأجلي ولوجهي. ((مح)): قال القاضي: الظاهر أنه في ظل الله من الحر ووهج الموقف. وقال عيسى بن دينار: هو كناية عن كونه في كنفه وستره. ومنه قولهم: السلطان ظل الله في الأرض. ويحتمل أن يكون عبارة عن الراحة والتنعيم. يقال: هو في عيش ظليل أي طيب. وقوله: ((يوم لا ظل إلا ظلي)) بدل من ((اليوم)) المتقدم.

الحديث الرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((فأرصد الله له على مدرجته)). ((نه)) أي وكله بحفظ المدرجة. يقال: رصدته إذا قعدت له على طريقه تترقبه. والمدرجة بفتح الميم والراء هي الطريق السمي بذلك؛ لأن الناس يدرجون عليها أي يمضون ويمشون.

قوله: أريد أخا لي)) فإن قلت: كيف طابق هذا سؤاله بقوله: ((أين تريد؟)) قلت: من حيث أن السؤال متضمن لقوله: أين تتوجه ومن تقصد؟ ولما كان قصده الأولى الزيارة ذكره وترك ما لا يهم. ونظيره: قوله تعالى: {وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى} لما كان الغرض من السؤال في استعجاله إنكار تركه القوم وراءه وتقدمه عليهم، قدمه في الجواب وأخر ما وقع السؤال عنه.

وقوله: ((هل لك عليه من نعمة؟)) أي هل أوجبت عليه حقاً من النعم الدنيوية تذهب إليه لتربها، أي تملكها منه وتستوفيها. ومنه قول صفوان لأبي سفيان: لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يريني رجل من هوازن، أي يملكني. تقول: ربه يربه فهو رب هذا إذا حمل الرب على المالكية، وإذا حمل على التربية والإصلاح فمعنى ((تربها)) تقوم بها وتسعى في

<<  <  ج: ص:  >  >>