٥٠٣٧ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنا فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فليلقه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم وخرج المسلم من الهجرة)) رواه أبو داود. [٥٠٣٧]
٥٠٣٨ - وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أل أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة؟)). قال: قلنا: بلى قال: ((إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة)) رواه أبو داود، والترمذي وقال: هذا حديث صحيح. [٥٠٣٨]
ــ
توجب العقوبة كما أن سفك دمه يوجبها. فهي شبيهة بالسفك من حيث حصول العقوبة بسببها لا أنها مثله في العقوبة؛ لأن القتل عقوبة عظيمة لا يكون بعد الشرك أعظم منه. فشبه الهجران به تأكيداً في المنع وفي المشابهة يكفي المساواة في بعض الصفات.
أقول: التشبيه إنما يصار إليه للمبالغة، كما يقال: زيد كالأسد؛ إلحاقاً له بالأسد في الجرأة؛ وأنه نظيره فيها ولم يقصد به أنه دونه، كذلك ههنا؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم:((لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنا فوق ثلاث)) دل على أن التهاجر فوق الثلاث حرام، وراكبه راكب الإثم، فإذا امتد إلى مدة يهجر فيها الغائب والمسافر عن أهله غالبا، بلغ التهاجر والتقاطع إلى الغاية، فيبلغ إثمه أيضاً إلى الغاية، وهذا معنى تخصيص ذكر السنة. والله أعلم.
الحديث الخامس والسادس عن أبي الدرداء رضي الله عنه: قوله: ((من درجة الصيام)) ((شف): المراد بهذه المذكورات النوافل منها دون الفرائض. قوله:((ذات البين)) أي أحوال بينكم، يعني ما بينكم من الأحوال حتى تكون أحوال ألفة ومحبة واتفاق، كقوله تعالى:{بذات الصدور} وهي مضمراتها، لما كانت الأحوال ملابسة للبين، قيل لها ذات البين كقولهم: اسقني ذا إناءك، يريدون ما في الإناء من الشراب. كذا في الكشاف في قوله تعالى:{وأصلحوا ذات بينكم}.
قوله:((هي الحالقة)) ((نه)): هي الخصلة التي من شأنها أن تحلق أو تهلك وتستأصل الدين