٥٠٣٩ - وعن الزبير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد، والبغضاء هي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين)) رواه أحمد، والترمذي. [٥٠٣٩]
٥٠٤٠ - وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((إياكم والحسد؛ فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)) رواه أبو داود. [٥٠٤٠]
ــ
كما يستأصل الموسى الشعر. وقيل: هي قطيعة الرحم والتظالم.
أقول: فيه حث وترغيب على إصلاح ذات البين واجتناب عن الفساد فيها؛ لأن الإصلاح سبب للاعتصام بحبل الله، وعدم التفريق بين المسلمين. وفساد ذات البين ثلمة في الدين، فمن تعاطى إصلاحها ورفع فسادها نال درجة عند الله سبحانه وتعالى فوق ما ينالها الصائم القائم المشتغل بخويصة نفسه. فعلى هذا ينبغي أن تحمل الصلاة والصيام على الإطلاق والحالقة على ما يحتاج أمر الدين.
الحديث السابع عن الزبير رضي الله عنه: قوله: ((دب إليكم)) ((نه)): نقل الداء من الأجسام إلى المعاني، ومن أمر الدنيا إلى أمر الآخرة.
أقول: وكذا الدب يستعمل في الأجسام، فاستعير للسراية على سبيل التبعية، وكذا قوله:((الحالقة)) فإنها تستعمل في حلق الشعر، فاستعمل فيما يستأصل الدين. وهي ليست باستعارة لذاكر المشبه والمشبه به، أي البغضاء تذهب بالدين كالموسي يذهب بالشعر. وضمير المؤنث راجع إلى ((البغضاء)) كما في قوله تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها} وقوله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة}؛ لأن البغضاء أكثر تأثيراً في ثلمة الدين، وإن كانت نتيجة الحسد. وقوله:((لا أقول: تحلق الشعر)) تأكيد لإرادة غير المتعارف من قوله: ((الحالقة)) كما سبق أنها محمولة على ضمير ((البغضاء)) نحو قوله تعالى: {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}.
الحديث الثامن عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((يأكل الحسنات)). ((قض)): تمسك به من يرى إحباط الطاعات بالمعاصي كالمعتزلة، وأجيب عنه: بأن المعنى أن الحسد يذهب حسناته ويتلفها عليه، بأن يحمله على أن يفعل بالمحسود، من إتلاف مال وهتك عرض، وقصد