للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٤١ - وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إياكم وسوء ذات البين، فإنها الحالقة)) رواه الترمذي. [٥٠٤١]

٥٠٤٢ - وعن أبي صرمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ضار ضار الله به، ومن شاق شاق الله عليه)) رواه ابن ماجه، والترمذي وقال: هذا حديث غريب. [٥٠٤٢]

ــ

نفس ما يقتضي صرف تلك الحسنات بأسرها في عوضه، كما روي في صحاج باب الظلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وقيام، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته. فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه ثم طرح في النار)) لإحباط الطاعات بالمعاصي، وإلا لم يكن يبقى لهذا الآتي المتعاطي لتلك الكبائر حسنة يقضي بها حق خصمه، انتهى كلامه.

وهذا أحد الوجهين مما ذكره الشيخ التوربشتي. والوجه الآخر أن يقال: إن التضعيف في الحسنات يوجد على حسب استعداد العبد وصلاحه في دينه. فمهما. كان مرتكباً للخطايا نقص من ثوابه عمله فيما يتعلق بالتضعيف ما يوازي انحطاطه في المرتبة بما اجترحه من الخطايا، من مثل أن يقدر أن ذا رهق وعمل حسنة، فأثيبت عليها عشرا، ولو لم يكن رهقة لأثيب أضعاف ذلك، فهذا الذي نقص من التضعيف بسبب ما ارتكبه من الذنب، هو المراد من الإحباط.

أقول: ويمكن أن يقال: إن الأكل هنا استعارة لعدم القبول، وأن تلك الحسنات الصادرة عنه مردودة عليه. وليست بثابتة في ديوان أعماله الصالحة حتى تحبط، كمن صلى في دار مغصوبة. وبهذا يحسن وجه التشبيه بالنار؛ فإن النار عند اشتعالها والتهابها لا تترك من الوقود شيئاً إلا أفنته. فشبهت الأعمال الصادرة عنه عند ارتكابه الحسد بالحطب الجزل، الذي يشتغل فيه النار في الإفناء والإعدام، مبالغة وزجرا للحاسد، فالأكل في النار أيضا استعارة أو مشاكلة لوقوعه في صحبة قوله: ((يأكل الحسنات)) ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) ونظائره كثيرة، فإذا لم يثبت في ديوانه، كيف يحبط. ((ذات البين)) أحوال بينكم وهي مضمراتها.

الحديث التاسع والعاشر عن أبي صرمة: قوله: ((من ضار)) في جامع الأصول: المضارة، المضرة والمشاقة، والنزاع، فمن أضر بغيره تعديا أو شاقه ظلما بغير حق، فإن الله يجازيه على فعله

<<  <  ج: ص:  >  >>