٥٠٤٦ - وعن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما عرج بي ربي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم)). رواه أبو داود. [٥٠٤٦]
٥٠٤٧ - وعن المستورد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((من أكل برجل مسلم أكلة، فإن الله يطعمه مثلها من جهنم، ومن كسا ثوبا برجل مسلم، فإن الله يكسوه مثله من
ــ
((قض)): الاستطالة في عرض المسلم، أن يتناول منه أكثر مما يستحقه على ما قيل له، أو أكثر مما رخص له فيه؛ ولذلك مثله بالربا، وعده من عداده، ثم فضله على سائر أفراده؛ لأنه أكثر مضرة وأشد فساداً؛ فإن العرض شرعا وعقلا أعز على النفس من المال وأعظم منه خطراً؛ ولذلك أوجب الشارع بالمجاهرة بهتك الأعراض ما لم يوجب بنهب الأموال.
((تو)): في قوله: ((بغير حق)) تنبيه على أن العرض ربما يجوز استباحته في بعض الأحوال. وذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم:((لي الواجد يحل عرضه)) فيجوز لصاحب الحق أن يقول فيه: إنه ظالم ومتعد ونحو ذلك، ومثله الكلام في جرح الشاهد على الخائن ونحو ذلك.
الحديث الرابع عشر عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((يخمشون)) أي يخدشون، ولما كان خمش الوجه والصدر من صفات النساء النائحات، جعلهما جزاء من يغتاب ويفري من أغراض المسلمين؛ إشعاراً بأنهما ليسا من صفات الرجال، بل هما من صفات النساء في أقبح حالة وأشوه صورة.
الحديث الخامس عشر عن المستورد: قوله: ((برجل مسلم أكلة)) ((نه)): معناه: الرجل يكون صديقاً لرجل ثم يذهب إلى عدوه، فيتكلم فيه بغير الجميل ليجيزه عليه بجائزة، فلا يبارك الله له فيها! والأكلة- بالضم- اللقمة، و- بالفتح- المرة. انتهى كلامه. وعلى هذا الباء في ((برجل)) للسببيه. والجائزة عامة في المطعوم والملبوس كما عليه أكثر كلام الشارحين. قوله:((ومن قام برجل)) ((تو)): أي قام بنسبة إلى ذلك، ويشهره به فيما بين الناس، فضحه الله وشهره بذلك على رؤوس الأشهاد يوم القيامة، وعذبه عذاب المرائين.
((مظ)): الباء في ((برجل)) يحتمل أن تكون للتعدية وللسببية، فإن كانت للتعدية يكون معناه: من أقام رجلا مقام سمعة ورياء، يعني من أظهر رجلا بالصلاح والتقوى ليعتقد الناس فيه اعتقادا حسناً، ويعزونه ويخدمونه ويجعله حبالا ومصيدة كما ترى في زماننا؛ لينال بسببه المال