للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٠٨ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)) فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً. قال: ((إن الله تعالى جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق وغمط الناس)) رواه مسلم.

٥١٠٩ - وعن أبي هريرة، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم)). وفي رواية: ((ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر)) رواه مسلم.

ــ

الكشاف: فإن قلت: لم ذكر المس في أحدهما، والإرادة في الثاني؟ قلت: كأنه أراد أن يذكر الأمرين جميعاً الإرادة والإصابة في كل واحد من الضر والخير، وأنه لا راد لما يريده منهما ولا مزيل لما يصيبه منهما، فأوجز الكلام بأن ذكر المس وهو الإصابة في أحدهما والإرادة في الأخير: ليدل بذلك على ما ترك. وهو فن عجيب وأسلوب غريب.

الحديث الخامس عن ابن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((إن الرجل يجب)) لما رأي الرجل العادة في المتكبرين لبس الثياب الفاخرة وجر الإزار، وغير ذلك مما يتعاطونه، سأل ما سأل. ((نه)): ((بطر الحق)) هو أن يجعل ما جعله الله حقا من توحيد وعبادته باطلا. وقيل: هو أن يتحير عند الحق فلا يراه حقا من توحيده وعبادته باطلا. وقيل: هو أن يتحير عند الحق فلا يراه حقا. وقيل: هو أن يتكبر عن الحق فلا يقبله. ((تو)): وتفسيره على الباطل أشبه؛ لما ورد في غير هذه الرواية: ((إنما ذلك من سفه الحق وغمط الناس، أي رأي الحق سفها)).

أقول: والمقام أيضاً يقتضيه؛ لأن تحرير الجواب إن كان أخذ الرجل الزينة لأجل أن يرى الله تعالى نعمته عليه، وأن يعظم شعائره؛ لقوله تعالى: {أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشا} أي زينة، وقوله: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} فهو جمال والله جميل يحب أن يرى أثر نعمه على عبده. وإن كان للبطر والأشر المؤدي إلى تسفيه الحق والصد عن سبيل الله وإلى تحقير الناس، فهو اختيال وافتخار، والله لا يحب كل مختال فخور. ولمثل هذا البطر نهى الله تعالى المؤمنين في قوله: {ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله}.

الحديث السادس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لا يكلمهم الله)) سبق بيان هذه الألفاظ في باب المساهلة في المعاملة. قوله: ((شيخ زان)) يعني الزنا قبيح ومن الشيخ أقبح، والكذب سمج ومن الملك أسمج، والتكبر مذموم ومن الفقير أذم.

<<  <  ج: ص:  >  >>