٥١١١ - عن سلمة بن الأكوع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين، فيصيبه ما أصابهم)) رواه الترمذي. [٥١١١]
٥١١٢ - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((يحشر المتكبرون أمثال الذر يوم القيامة، في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان، يساقون إلى سجن في جهنم يسمى: بولس، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال)). رواه الترمذي [٥١١٢]
ــ
ومن ثمة فرع على التشبيه قوله:((نازعني)) دلالة على أن ذلك ليس من حقه، ثم عقبه بالوعيد وحقر شأنه بلفظ القذف أي يقذف به قذف الحجارة والمدر في النار والسقر. وقد عرفت مما قيل أن الكبر هو الإعراض عن الحق وتحقير الناس. فالتواضع هو الإذعان للحق وتوقير الناس، وهو المعنى بقوله:((التعظيم لأمر الله، والشفقة على خلق الله)) فالمعنى: من تكبر على الله وعلى الخلق ابتلاه الله تعالى في الدنيا بالذل والهوان، وفي الآخرة بقذفه في أقصى دركات النيران. ومن تواضع لله مع الخلق رفعه الله درجته في الدنيا والآخرة، فالحديث إذن من جوامع الكلم وكنوز الحكم التي خص بها النبي صلى الله عليه وسلم على قائله.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن سلمة رضي الله عنه: قوله: ((يذهب بنفسه)) ((مظ)): الباء يحتمل أن تكون للتعدية، أي يرفع نفسه ويبعدها عن الناس في المرتبة، ويعتقدها عظيمة القدر.
وللمصاحبة أي يرافق نفسه ويعززها ويكرمها كما يكرم الخليل الخليل حتى تصير متكبرة. وفي أساس البلاغة: يقال: ذهب به: مربه مع نفسه، ومن المجاز ذهبت به الخيلاء.
الحديث الثاني عن عمرو: قوله: ((أمثال الذر)). ((نه)): الذر النمل الأحمر الصغير واحتها ذرة. وقيل: الذرة يراد بها ما يرى في شعاع الشمس الداخل في النافذة. ((تو)): يحمل ذلك على المجاز دون الحقيقة أي أذلاء مهانين يطأهم الناس بأرجلهم. وإنما منعنا عن القول بظاهره ما أخبرنا به الصادق المصدقون صلى الله عليه وسلم:((إن الأجساد تعاد على ما كانت عليه من الأجزاء، حتى أنهم يحشرون غرلا، يعاد منهم ما انفصل عنهم من القلفة))، وإلى هذا المعنى أشار بقوله صلى الله عليه وسلم:((يغشاهم الذل من كل مكان)).