القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا. وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار)) رواه مسلم.
٥١٢٨ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)). رواه مسلم.
وذكر حديث جابر:((اتقوا الظلم)). في ((باب الإنفاق)).
ــ
مسلم وجامع الترمذي وكتاب الحميدي وجامع الأصول وشرح السنة، فعلى هذا السؤال عن وصف المفلس لا عن حقيقته؛ ومن ثم أجاب صلى الله عليه وسلم بوصفه بقوله:((شتم وأكل وقذف)). وفي مشارق الأنوار وبعض نسخ المصابيح:((من المفلس؟)) وهذا سؤال إرشاد لا استعلام؛ ولذلك قال:((إن المفلس كذا وكذا ....)).
((مح)): يعني حقيقة المفلس هذا الذي ذكرت، وأما من ليس له مال، ومن قل ماله، فالناس يسمونه مفلساً، وليس هو حقيقة المفلس؛ لأن هذا أمر يزول وينقطع بموته، وربما انقطع بيسار يحصل له بعد ذلك من حياته، بخلاف ذلك المفلس فإنه يهلك الهلاك التام.
قال المازري: زعم بعض المبتدعة أن هذا الحديث معارض لقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وهو باطل وجهالة بينة؛ لأنه إنما عوقب بفعله ووزره، فتوجهت عليه حقوق لغرماته فدفعت إليهم من حسناته، فلما فرغت حسناته أخذت من سيئات خصومه فوضعت عليه. فحقيقة العقوبة مسببة عن ظلمه ولم يعاقب بغير جناية منه.
الحديث السادس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لتؤذن الحقوق)) ((تو)): هو على بناء المجهول، و ((الحقوق)) مرفوع، هذه هي الرواية المعتد بها. ويزعم بعضهم ضم الدال ونصب ((الحقوق)). والفعل مسند إلى الجماعة الذين خوطبوا به، والصحيح ما قدمناه.
أقول: إن كان الرد لأجل الرواية فلا مقال، وإن كان بحسب الدراية، فإن باب التغليب واسع فيكون قد غلب العقلاء على غيرهم. وجعل ((حتى)) غاية بحسب التغليب، كما في قوله تعالى:{جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذروكم فيه} فالضمير في ((يذروكم)) راجع إلى الأناسي والأنعام، على تغليب المخاطبين العقلاء على الغيب والأنعام.