٥١٣٨ - وعن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المدهن في حدود الله والواقع فيها، مثل قوم استهموا سفينة، فصار بعضهم في أسفلها، وصار بعضهم في أعلاها، فكان الذي في أسفلها يمر بالماء على الذين في أعلاها، فتأذوا به، فأخذ فأسا، فجعل ينقر أسفل السفينة، فأتوه فقالوا: مالك؟ قال: تأذيتم بي ولا بد لي من الماء. فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجوا أنفسهم، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم)). رواه البخاري.
٥١٣٩ - وعن أسامة بن زيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يجاء بالرجل يوم القيامة، فيلقى في النار، فتندلق أقتابه في النار، فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه،
ــ
الحديث الثاني عن النعمان رضي الله عنه: قوله: ((مثل المدهن)). ((حس)): المداهنة الإدهان المقارنة في الكلام والتليين؛ قال الله تعالى:{ودوا لو تدهن فيدهنون} والاستهام الاقتراع وفيه إثبات القرعة في سكنى السفينة ونحوها من المنازل التي يسكنها أبناء السبيل إذا جاءوا معا، فإن سبق أحد فهو أحق به. قوله:((فإن أخذوا على يديه)) ((نه)): يقال: أخذت على يد فلان إذا منعته عما يريد أن يفعله كأنك أمسكت يده. ويقال: نجا من الأمر إذا خلص وأنجاه غيره، والتنجية التخليص، قال تعالى:{وكذلك ننجي المؤمنين}.
((شف)): شبه النبي صلى الله عليه وسلم المداهن في حدود الله بالذي في أعلى السفينة، وشبه الواقع في تلك الحدود بالذي في أسفلها، وشبه انهماكه في تلك الحدود، وعدم تركه إياها بنقره أسفل السفينة، وعبر عن نهي الناهي الواقع في تلك الحدود بالأخذ على يديه، وبمنعه إياه عن النقر، وعبر عن فائدة ذلك المنع بنجاة الناهي والمنهي، وعبر عن عدم نهي النهاة بالترك، وعبر عن الذنب الخاص للمداهنين الذين ما نهوا الواقع في حدود الله بإهلاكهم إياه وأنفسهم. وكأن السفينة عبارة عن الإسلام المحيط بالفريقين. وإنما جمع فرقة النهاة إرشاداً إلى أن المسلمين لابد وأن يتعاونوا على أمثال هذا النهي فهو كالجمع. قال تعالى:{إن إبراهيم كان أمة ...} وأفرد الواقع في حدود الله تعالى لأدائه إلى ضد الكمال.
الحديث الثالث عن أسامة رضي الله عنه: قوله: ((فتندلق)) ((تو)): أي تخرج خروجاً سريعاً، والاندلاق التقدم، يقال: اندلق السيف: إذا خرج من غمده من غير سل. و ((الأقتاب)) الأمعاء