٥١٤١ - وعن العرس بن عميرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إذا عملت الخطيئة في الأرض من شهدها فكرهها كان كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها)). رواه أبو داود. [٥١٤١]
٥١٤٢ - وعن أبي بكر الصديق [رضي الله عنه]، قال: يا أيها الناس! إنكم تقرءون هذه الآية: ((يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الناس إذا رأوا منكراً فلم يغيروه يوشك أن يعمهم الله بعقابه)). رواه ابن ماجه، والترمذي وصححه. وفي رواية أبي داود:((إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب)). وفي أخرى [له]: ((ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أكثر ممن يعمله)). [٥١٤٢]
ــ
الحديث الثاني عن العرس قوله:((من شهدها)) جواب الشرط والفاء محذوفة، كما في قوله تعالى:{وإن أطعتموهم إنكم لمشركون}.
الحديث الثالث عن أبي بكر رضي الله عنه: قوله: ((فإني سمعت)) الفاء فيه فصيحة تدل على محذوف، كأنه قال: إنكم تقرءون هذه الآية وتجرون على عمومها وتمتنعون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس كذلك؛ ((فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ....)) الخ. وإنما قلت: ليس كذلك؛ لأن الآية نزلت في أقوام أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر فأبوا القبول كل الإباء، فذهبت أنفس المؤمنين حسرة عليهم. فقيل لهم: عليكم أنفسكم وما كلفتم من إصلاحها، والمشي بها في طرق الهدى، لا يضركم الضلال عن دينكم إذا كنتم مهتدين. ويشهد لذلك ما قبل هذه الآية:{وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله إلى الرسول}. هذا تخصيص بحسب الأشخاص وأما بحسب الأزمان فيدل عليه الحديث الآتي لأبي ثعلبة؛ فإن العام قد يخص مرة أخرى.
((مح)): وأما قوله تعالى: {يأيها الذين آمنوا} الآية، فليست مخالفة لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية: أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم، مثل قوله تعالى:{ولا تزر وازرة وزر أخرى} فإذا كان كذلك مما كلف به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا فعله- ولم يمتثل المخاطب- فلا عتب بعد ذلك عليه؛ لكونه أدى ما عليه.