للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٤٣ - وعن جرير بن عبد الله، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي، يقدرون على أن يغيروا عله ولا يغيرون، إلا أصابهم الله منه بعقاب قبل أن يموتوا)). رواه أبو داود، وابن ماجه. [٥١٤٣]

٥١٤٤ - وعن أبي ثعلبة في قوله تعالى: {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}. فقال: أما والله لقد سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهو متبعاً، ودينا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، ورأيت أمراً لابد لك منه؛ فعليك نفسك، ودع

ــ

أقول: وهذا الوجه أعم من الأول؛ لأن الأول كان له صورة مخصوصة فتعدى الحكم منه إلى ما يشابهه من الصور فعم. قوله: ((هم أكثر ممن يعمله)) يزاد بعده قوله: ((ثم لا يغيرون إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب)) وهو صفة ((قوم)) و ((إلا يوشك)) خبر ((ما)).

الحديث الرابع عن جرير: قوله: ((إلا أصابهم الله منه)) الضمير فيه يجوز أن يعود إلى ((الرجل)) وإلى ((عدم التغيير)) وتكون ((من)) ابتدائية، أي بسبب شؤمه، وأن يعود إلى الله تعالى، أي عذاباً من عنده، وهذا أبلغ كقوله تعالى: {إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا} وهذا الحديث مخالف للحديث الذي في المصابيح بحسب اللفظ. وكان موضعه الفصل الثالث، إلا أنه ذكره هنا؛ تنبيهاً على أن المؤلف ما وجد في الأصول كما في المصابيح.

الحديث الخامس عن أبي ثعلبة رضي الله عنه: قوله: ((في قوله تعالى)) يقول الراوي: سأل أبو ثعلبة في شأن قوله تعالى: {عليكم أنفسكم} ((فقال ...)) الخ. وقوله: ((بل ائتمروا)) إضراب عن مقدر، أي: سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت: أما نترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بناء على ظاهر الآية؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا تتركوا ((بل ائتمروا بالمعروف)). قوله: ((ودنيا مؤثرة)) ((مظ)): مفعول من الإيثار وهو الاختيار، يعني يختار الناس الدنيا على الآخرة ويحرصون على جمع المال. وإعجاب كل ذي رأي، أي يجد كل أحد فعل نفسه حسنا إن كان قبيحا، ولا يرجع العلماء فيما فعل، بل يكون مفتي نفسه.

قوله: ((ورأيت أمراً لابد لك منه)) يحتمل أن يكون بالباء الموحدة بمعنى لا فراق لك منه، المعنى رأيت أمرا يميل إليه هواك ونفسك من الصفات الذميمة، فإن أقمت بين الناس لا محالة

<<  <  ج: ص:  >  >>