للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمر العوام، فإن وراءكم أيام الصبر، فمن صبر فيهن قبض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله)). قالوا: يا رسول الله! أجر خمسين منهم؟ قال: ((أجر خمسين منكم)). رواه الترمذي، وابن ماجه. [٥١٤٤]

٥١٤٥ - وعن أبي سعيد الخدري، قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً بعد العصر، فلم يدع شيئاً يكون إلى قيام الساعة إلا ذكره، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، وكان فيما قال: ((إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناطر كيف تعملون، ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء)) وذكر: ((إن لكل غادر لواءً يوم القيامة بقدر غدرته في الدنيا، ولا غدر أكبر من غدر أمير العامة، يغرز لواؤه عند استه)). قال: ((لا يمنعن أحداً منكم هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه)) وفي رواية: ((إن رأي منكراً أن يغيره)) فبكرى أبو سعيد وقال: قد رأيناه فمنعتنا هيبة الناس أن نتكلم فيه. ثم قال: ((ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى، فمنهم من يولد مؤمناً، ويحيى

ــ

أن تقع فيها، فعليك نفسك واعتزل عن الناس حذرا من الوقوع. وأن يكون بالياء المثناة، كما في بعض نسخ المصابيح. فالمعنى رأيت أمرا لا طاقة لك من دفعه. فعليك نفسك. ومنه حديث يأجوج: ((قد أخرجت عباداً لي ولا يدان لأحد بقتالهم)) أي لا قدرة ولا طاقة.

قوله: ((ودع أمر العوام)) أي اشتغل بأمر خاصتك ودع أمر من سواك. وقوله: ((فإن وراءكم أيام الصبر)) أي أياما يحمد فيها الصبر ويفضل. ومعنى قوله: ((فمن صبر فيهن)) أي مشقة الصابر على القبائح والمحارم في تلك الأيام والصبر عليها، مثل مشقة الصابر على قبض الجمر. قوله: ((أجر خمسين منهم؟)). فيه تأويلان: أحدهما: أن يكون أجر كل واحد منهم على تقدير أنه غير مبتلي ولم يضاعف أجره. وثانيهما: أن يراد أجر خمسين منهم أجمعين لم يبتلوا ببلائه.

الحديث السادس عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((فلم يدع شيئاً)) أي ما يتعلق بأمور الدين أي مما لابد منه قوله: ((خضرة)) ((فا)): أي خضراء ناعمة، يقال: أخضر وخضر، كقولهم: أعور وعور.

أقول: قوله: ((حلوة خضرة)) كناية عن كونها غرارة يفتتن الناس بلونها وطعمها وليس تحتها طائل. ((تو)): أراد بـ ((أمير العامة)) المتغلب الذي يستولي على أمور المسلمين وبلادهم، بتأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>