٥١٤٦ - وعن أبي البختري، عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم)). رواه أبو داود. [٥١٤٦]
٥١٤٧ - وعن عدي بن عدي الكندي، قال: حدثنا مولى لنا أنه سمع جدي [رضي الله عنه] يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله تعالى لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروا؛ فإذا فعلوا ذلك عذب الله العامة والخاصة)). رواه في ((شرح السنة)) [٥١٤٧]
٥١٤٨ - وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم، وآكلوهم
ــ
إلى ما مضى منه. وقوله: ((إلا كما بقى)) مستثنى من فعال ((لم يبق))، أي لم يبق شيء من الدنيا إلا مثل ما بقى.
الحديث السابع عن أبي البختري رضي الله عنه: قوله: ((حتى يعذروا)). ((قض)): قيل إنه من ((أعذر فلان)) إذا كثر ذنبه فكأنه سلب عذره بكثرة اقتراف الذنوب، أو من ((أعذر غيره)) إذا جعله معذوراً. فكأنهم أعذروا من يعاقبهم بكثرة ذنوبهم، أو من ((أعذر)) أي: صار ذا عذر. والمعنى حتى يذنبوا فيعذرون أنفسهم بتأويلات زائغة وأعذار فاسدة من قبل أنفسهم ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
أقول: والوجه الثالث أنسب بباب المر بالمعروف والنهي عن المنكر، كأن الناهي ينكر عليه ذنبه وهو يتبرأ من الذنب ويعذر لنفسه ولإقدامه عليه.
الحديث الثامن عن عدي رضي الله عنه: قوله: ((العامة بعمل الخاصة)) أراد بـ ((العامة)) أكثر القوم وبـ ((الخاصة)) أقلهم، نحوه قوله تعالى:{واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} وقوله: ((فلا ينكروا)) عطف على قوله: ((يروا المنكر)).
الحديث التاسع عن عبد الله رضي الله عنه: قوله: ((فضرب الله قلوب بعضهم)) أي خلط. ((غب)): ضرب اللبن بعضه ببعض أي خلط. قوله:((حتى تأطروهم)) ((فا)): الأطر العطف، ومنه إطار المنخل؛ قال طرفة:
وأطر قسى تحت صلب مؤيد
و ((حتى)) متعلقة بـ ((لا)) كأن قائلا قال له عند ذكر مظالم بني إسرائيل: هل تعذر في تخلية