للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع)). رواه البخاري.

٥١٦٢ - وعن أبي سعيد الخدري، أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: ((إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يفت عليكم من زهرة الدنيا وزينتها)). فقال رجل: يا رسول الله!

ــ

أنه إذا وقع في البلاء فلا يترحم عليه، فإن من وقع في البلاء إذا ترحم له الناس ربما هان الخطب عليه ويتسلى بض التسلي، وهؤلاء بخلافه بل يزيد غيظهم بفرح الأعداء وشماتتهم. وإنما خص انتقاش الشوك بالذكر؛ لأن الانتقاش أسهل ما يتصور من المعاونة لمن أصابه مكروه، فإذا نفي ذلك الأهون. فيكون ما فوق ذلك منفياً بالطريق الأولى. وقوله: ((أشعث)) و ((مغبرة)) حالان من الضمير في ((آخذ)) لاعتماده على الموصوف، ويجوز أن يكون حالين من ((العبد)) لأنه موصوف.

قوله: ((إن كان في الحراسة)) ((تو)): أراد بالحراسة حراسة من العدو أن يهجم عليهم. وذلك يكون في مقدمة الجيش. و ((الساقة)) مؤخرة الجيش. والمعنى ائتماره لما أمر وإقامته حيث أقيم لا يفقد من مكانه بحال، وإنما ذكر الحراسة والساقة لأنهما أشد مشقة وأكبر آفة، الأول عند دخولهم دار الحرب والآخر عند خروجهم منها. قيل: قوله: ((إن استأذن لم يؤذن له)) إشارة إلى عدم التفاته إلى الدنيا وأنهابها بحيث يعني بكليته في نفسه لا يبتغي مالا ولا جاها عن الناس، بل يكون عند الله وجيها ولم يقبل الناس شفاعته وعند الله يكون شفيعا مشفعا.

أقول: قد تقرر في علم المعاني: أن الشرط والجزاء إذا اتحدا دل على فخامة الجزاء وكماله، والشريطتان مؤكدتان للمعنى السابق؛ فإن قوله: ((آخذ بعنان فرسه)) يدل على اهتمامه بشأن ما هو فيه من المجاهدة في سبيل الله، وليس له هم سواه لا الدرهم والدينار بله نفسه، فتراه أشعث رأسه مغبرة قدماه. فإذا كان في الحراسة يبذل جهده فيها لا يفتر عنها بالنوم والغفلة ونحوهما؛ لأنه ترك نصيبه من الراحة والدعة. وإن كان في ساقة الجيش لا يخاف الانقطاع ولا يهتم إلى السبق، بل يلازم ما هو لأجله.

فعلى هذا هذه القرينة إلى آخرها جاءت مقابلة للقرينة الأولى، فدلت الأولى على اهتمام صاحبها بعيش العاجلة، والثانية على اهتمام صاحبها بعيش الآجلة؛ ولذلك صح في الحديث السابق في كتاب الجهاد: ((من خير معاش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على (متنه))) الحديث.

الحديث الثامن عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((من زهرة الدنيا)((فا)): أي حسنها وبهجتها وكثرة خيرها و ((الرحضاء)) هي عرق الحمى، كأنها ترحض الجسد أي تغسله. ((نه)): الحبط بالتحريك الهلاك، يقال: حبطت الدابة تحبط حبطا بالتحريك إذا أصابت مرعى طيبا،

<<  <  ج: ص:  >  >>