٥١٨٨ - وعن ابن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم نام على حصير، فقام وقد أثر في جسده، فقال ابن مسعود: يا رسول الله! لو أمرتنا أن نبسط لك ونعمل فقال: ((ما لي وللدنيا؟ وما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة، ثم راح وتركها)) رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه. [٥١٨٨]
٥١٨٩ - وعن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((أغبط أوليائي عني لمؤمن خفيف الحاذ، ذو حظ من الصلاة، أحسن عبادة ربه، وأطاعه في السر، وكان
ــ
عن عزوف النفس عن الدنيا مع القدرة عليها لأجل الآخرة، ولا يتصور الزهد ممن ليس له مال ولا جاه، وقيل لابن المبارك: يا زاهد! قال: الزاهد عمر بن عبد العزيز إذا جاءته الدنيا راغمة فتركها، أما أنا ففي ماذا زهدت. وفي قوله: ((ازهد في الدنيا يحبك الله)) دليل على أن الزهد أعلى المقامات وأفضلها؛ لأنه جعله سبباً لمحبة الله تعالى، وأن محب الدنيا متعرض لبغض الله تعالى.
الحديث السابع عشر عن ابن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((ونعمل)) متعلقة محذوف فيقدر من جنس الكلام السابق، وهو وجوه التنعم والتلذذ بالأغراض الدنيوية أعم من أن يكون بساطا؛ ومن ثم طابقه قوله:((مالي وللدنيا؟)) وقوله: ((وما أنا والدنيا)) أي ليس حالي مع الدنيا إلا كحال راكب مستظل، وهو من التشبيه التمثيلي، ووجه التشبيه سرعة الرحيل وقلة المكث؛ ومن ثم خص الراكب. واللام في ((للدنيا)) مقحمة للتأكيد، إن كان الواو بمعنى ((مع)). وإن كان للعطف فتقديره: مالي والدنيا وما للدنيا معي؟
الحديث الثامن عشر عن أبي أمامة رضي الله عنه: قوله: ((أوليائي)) أفعل هنا بني للمفعول، أي أحق أحبائي وأنصاري بأن يغبط به ويتمنى مثل حاله مؤمن بهذه الصفة. واللام في ((لمؤمن)) داخل في خبر المبتدأ، قال الزجاج في قوله تعالى:{إن هذان لساحران}: اسم ((إن)) ضمير الشأن، والخبر جملة اسمية اقترن بخبرها لام الابتداء. نحو قول الشاعر:
أم الحليس لعجوز شهربه
وقد سبق بحثه في حديث ابن مسعود رضي الله عنه:((أنتم آل عبد الله لأغنياء)) في باب