غامضاً في الناس، لا يشار إليه بالأصابع، وكان رزقه كفافا، فصبر على ذلك)) ثم نقد بيده فقال:((عجلت منيته، قلت بواكيه، قل تراثه)). رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه. [٥١٨٩]
ــ
الطب والرقي. ومن أراد الكلام المشبع فليطلب في شرح الكشاف في قوله:{إن هذان لساحران}.
قوله:((خفيف الحاذ)) أي قليل المال. ((نه)) الحاذ والحال واحد من حاذ يحوذ، وأصل الحاذ: طريقة المتن، وهو ما يقع عليه اللبد من ظهر الفرس، أي خفيف الظهر من العيال.
قوله:((ذو حظ من الصلاة)) أي ذو راحة من مناجاة الله تعالى فيها واستغراقه في المشاهدة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لبلال: ((أرحنا بها يا بلال!)) أي أذن بالصلاة نسترح بأدائها من شغل القلب بها. وقيل: كان اشتغاله بالصلاة راحة له؛ فإنه كان يعد غيرها من الأعمال الدنيوية تعباً، وكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى؛ ولهذا قال:((وقرة عيني في الصلاة)) وما أقرب الراحة من قرة العين. وقوله:((أحسن عبادة ربه)) تعميم بعد التخصيص، والمراد به إجادة العبادة على سبيل الإخلاص، فعلى هذا قوله:((وأطاعه في السر)) عطف تفسيري على ((أحسن)). و ((كان غامضا)) أي مغمورا غير مشهور. وقوله:((لا يشار إليه بالأصابع)) بيان وتقرير لمعنى الغموض. وقوله:((على ذلك)) أي على المذكور دلالة على أن ملاك الكل الصبر، وبه يتقوى على الطاعات، نحو قوله تعالى:{أولئك يجزون الغرفة بما صبروا}.
قوله:((ثم نقد)) ((نه)): هو من نقدت الشيء بإصبعي أنقده واحداً واحدا نقد الدراهم، ونقد الطائر الحب ينقده، إذا كان يلقطه واحدا واحدا، وهو مثل النقر ويروى بالراء. ((تو)): أريد به هنا ضرب الأنملة على الأنملة، أو ضربها على الأرض كالمتقلل للشيء، أي لم يلبث إلا قليلا حتى قبضه الله تعالى يقلل مدة عمره وعدد بواكيه ومبلغ تراثه. وقيل: الضرب على هذه الهيئة فعل المتعجب من الشيء، أو من رأي ما يعجبه حسنه، وربما يفعل ذلك من يظهر قلة المبالاة بشيء أو يفعل طرباً وفرحاً بالشيء.
أقول: ويمكن أن يقال: إنه كالقرع بالعصا والتنبيه على أن ما يرد بعده مما يهتم بشأنه، ويجب تلقيه بالقبول، ومن ثمة عقبه بقوله:((فقال))؛ قال ثعلب: حروف التهجي في الفواتح بمنزلة ألا، كمن أراد الإخبار بمهم، حرك الحاضر بيده أو صاح به صرخة ليقبل بكله إليه.