للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وجعل أذنه مستمعة، وعينه ناظرة، فأما الأذن فقمع، وأما العين فمقرة لما يوعى القلب، وقد أفلح من جعل قلبه واعياً)). رواه أحمد، والبيهقي في ((شعب الإيمان)). [٥٢٠٠]

٥٢٠١ - وعن عقبة بن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا رأيت الله عز وجل يعطي البعد من الدنيا، على معاصيه، ما يحب؛ فإنما هو استدراج)). ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون}. رواه أحمد. [٥٢٠١]

ــ

قوله: ((فقمع)) هو الإناء الذي يترك في رءوس الظروف؛ لتملأ بالمائعات من الأشربة والأدهان. شبه أسماع الذين يستمعون القول ويعونه بقلوبهم بالأقماع. وقوله: ((فمقرة)) وراد على سبيل الاستعارة؛ لأنها تثبت في القلب وتقر فيه ما أدركته بحاستها، فكأن القلب لها وعاء وهي تقر فيه ما رأته.

قال في أساس البلاغة: ومن المجاز قر الكلام في أذنه إذا وضع فاه على أذنه فأسمعه وهو من قر الماء في الإناء إذا صبه فيه. و ((القلب)) يحتمل النصب أي يقر في القلب ما يجعل القلب وعاء له. والرفع على أنه فاعل يوعى أي لما يوعيه القلب أي يحفظه. وإنما خص السمع والبصر؛ لأن الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى، إما سمعية فالأذن هي التي تجعل القلب وعاء لها، أو نظرية فالعين هي التي تقرها في القلب وتجعله وعاء لها، ومن ثمة جعل قوله: ((وقد أفلح من جعل قلبه واعياً)) كالفذلكة للقرينتين.

الحديث الرابع عن عقبة رضي الله عنه: قوله: ((استدراج)) هو الأخذ في الشيء والذهاب فيه درجة فدرجة كالمراقي والمنازل في ارتقائه ونزوله، ومعنى استدراج الله: استدراجهم قليلاً قليلاً إلى ما يهلكهم، ويضاعف عقابهم من حيث لا يعلمون ما يراد به. وذلك أن تواتر الله نعمة عليهم مع انهماكهم في الغي، فكلما جدد عليهم نعمة ازدادوا بطرا وجددوا معصية، فيستدرجون في المعاصي بسبب ترادف النعم ظانين أن تواتر النعم أثرة من الله وتقريب، وإنما هي خذلان منه وتبعيد. وقوله: {فإذا هم مبلسون} واجمون متحسرون آيسون.

<<  <  ج: ص:  >  >>