واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله، وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)) رواه مسلم.
الفصل الثاني
٥٢٩٩ - عن عمر بن الخطاب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لو أنكم
ــ
الأذى في كل ذلك. وقوله: ((وفي كل خير)) معناه: في كل من القوى والضعيف خير لاشتراكهما في الإيمان مع ما يأتي به الضعيف من العبادات.
قوله:((فإن لو تفتح)) ((قض)): أي لو كان الأمر لي وكنت مستبدا بالفعل والترك كان كذا وكذا، وفيه تأسف على الفائت ومنازعة للقدر وإيهام بأن ما يفعله باستبداده ومقتضى رأيه خير مما ساقه القدر إليه، من حيث إن لو تدل على انتفاء الشيء لانتفاء غيره فيما مضى؛ ولذلك استكرهه وجعله مما يفتح عمل الشيطان. وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث فسخ الحج إلى العمرة:((ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت)) ليس من هذا القبيل، وإنما هو كلام قصد به تطييب قلوبهم وتحريضهم على التحلل بأعمال العمرة.
((مح)) قال القاضي عياض: هذا النهي إنما هو لمن قاله معتقدا ذلك حتما، وأما قول أبي بكر رضي الله عنه:((لو أن أحدهم رفع رأسه لرآنا)) فهذا لا حجة فيه؛ لأنه إنما أخبر عن مستقبل. وكذا قوله صلى الله عليه وسلم:((لو كنت راجما بغير بينة لرجمت هذه)) وشبه ذلك لا اعتراض فيه على قدر، فلا كراهة فيه؛ لأنه إنما أخبر عن اعتقاده فيما كان يفعل لولا المانع، وعما هو في قدرته، وأما معنى قوله:((فإن لو تفتح عمل الشيطان)) أنه يلقى في القلب معارضة القدر، ويوسوس به الشيطان.
قال الشيخ: وقد جاء استعمال ((لو)) في الماضي كقوله صلى الله عليه وسلم: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى)). فالظاهر أن النهي إنما ورد فيما لا فائدة فيه، فيكون نهى تنزيه لا تحريم. وأما من قاله: متأسفا على ما فات من طاعة الله تعالى أو هو معتذر من ذلك فلا بأس به، وعليه يحمل أكثر استعمال ((لو)) الموجودة في الأحاديث.
الفصل الثاني
الحديث الأول عن عمر رضي الله عنه: قوله: ((حق توكله)) بأن يعلم يقينا بأن لا فاعل إلا الله، وأن كل موجود من خلق ورزق، وعطاء ومنع، وحياة وموت، وغنى وفقر، وغير ذلك مما يطلق عليه اسم الموجود – من الله تعالى، ثم يسعى في الطلب على الوجه الجميل، يشهد لذلك تشبيهه بالطير؛ فإنها تغدو خماصا، ثم تسرح في طلب القوت فتروح بطانا.