تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا)). رواه الترمذي، وابن ماجة. [٥٢٩٩]
٥٣٠٠ - وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس! ليس منكم شيء يقربكم إلى الجنة ويباعدكم من النار إلا قد أمرتكم به، وليس شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا قد نهيتكم عنه، وإن الروح الأمين – وفي رواية: وإن روح القدس – نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها، ألا فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته)). رواه في ((شرح السنة)) والبيهقي في ((شعب الإيمان)) إلا أنه لم يذكر: ((وإن روح القدس)). [٥٣٠٠]
ــ
قال الشيخ أبو حامد: قد يظن أن معنى التوكل ترك الكسب بالبدن، وترك التدبير بالقلب والسقوط على الأرض، كالخرقة الملقاة أو كلحم على وضم، وهذا ظن الجهال؛ فإن ذلك حرام في الشرع، والشرع قد أثنى على المتوكلين، فكيف ينال مقام من مقامات الدين بمحظورات الدين؟ بل نكشف عن الحق فيه، فنقول: إنما يظهر تأثير التوكل في حركة العبد وسعيه أي بعمله إلى مقاصده.
((مح)): قال الإمام أبو القاسم القشيري: اعلم أن التوكل محله القلب، وإنما الحركة بالظاهر. فلا ينافي التوكل بالقلب بعد ما تحقق للعبد أن الثقة من قبل الله تعالى، فإن تعسر شيء فبتقديره، وإن تيسر فبتيسيره. ((حس)): الخماص جمع الخميص للبطن. وهو الضامر والمخمصة الجوع؛ لأن البطن يضمر به.
الحديث الثاني عن ابن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((إن روح القدس)) أي الروح المقدسة، كما تقول: حاتم الجود ورجل صدق، فهو من باب إضافة الموصوف إلى الصفة للمبالغة في الاختصاص، ففي الصفة القدس منسوب إليها، وفي الإضافة بالعكس نحو مال زيد. ((نه)) نفث في روعي أي أوحي إلي وألقى من النفث بالفم وهو شبيه بالنفخ، وهو أقل من التفل؛ لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق. والروع الجلد والنفس.