للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٣٠١ - وعن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا أن لا تكون بما في يديل أوثق بما في يد الله، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أنت أصبت بها أرغب فيها لو أنها أبقيت لك)) رواه الترمذي، وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وعمرو بن واقد الراوي منكر الحديث. [٥٣٠١]

٥٣٠٢ - وعن ابن عباس، قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: ((يا غلام! احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا

ــ

قوله: فأجملوا في الطلب)) أي اكتسبوا المال بوجه جميل، وهو أن لا تطلبه إلا بالوجه الشرعي، والاستبطاء بمعنى الإبطاء، والسين فيه للمبالغة كما استعف بمعنى عف، في قوله تعالى: {ومَن كَانَ غَنِيًا فَلْيَسْتَعْفِفْ} وفيه أن الرزق مقدر مقسوم لا بد من وصوله إلى العبد، لكن العبد إذا سعى وطلب على وجه مشروع وصف بأنه حلال، وإذا طلب بوجه غير مشروع فهو حرام. فقوله: ((ما عند الله)) إشارة إلى أن الرزق كله من عند الله الحلال والحرام.

وقوله: ((أن تطلبوه بمعاصي الله)) إشارة إلى أن ما عند الله إذا طلب بمعصية الله ذم وسمي حراما. وقوله: ((إلا بطاعته)) إشارة إلى أن ما عند الله إذا طلب بطاعته مدح وسمي حلالا. وفي هذا دليل بين لأهل السنة على أن الحلال والحرام يسمى رزقا، وكله من عند الله خلافا للمعتزلة.

الحديث الثالث عن أبي ذر رضي الله عنه: قوله: ((أوثق)) أي أوثق منك. قوله: ((لو أنها أبقيت لك)) حال من فاعل ((أرغب)). وجواب ((لو)) محذوف و ((إذا)) ظرف، والمعنى أن تكون في حصول المصيبة وقت إصابتها أرغب من نفسك في المصيبة حال كونك غير مصاب بها؛ لأنك تثاب بوصولها إليك، ويفوتك الثواب إذا لم تصل إليك. فوضع ((أبقيت)) موضع ((لم يصب)) يريد أن المؤمن إذا أذنب ذنبا، وجوزي في الدنيا بمصيبة وصبر عليها، يثاب في الآخرة. وإن لم يجاز عليها بالمصيبة في الدنيا أبقيت له ويجازى في الآخرة، قال تعالى: {ومَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} فاختصر الكلام. وفيه حث على التسلي وتنبيه على أن العاقل لا يرغب في إبقاء المصيبة وتأخيرها إلى الآخرة والآخرة خير وأبقى.

الحديث الرابع عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((احفظ الله)) أي راع حق الله تعالى وتحر رضاه. و ((تجاهك)) أي مقابلك وحذاءك. والتاء بدل من الواو كما في تقاة وتخمة، أي

<<  <  ج: ص:  >  >>