٥٣٨١ - وعنه، قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديثين، رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا: ((إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن ثم علموا من السنة)). وحدثنا عن رفعها قال:((ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتقبض، فيبقى أثرها مثل أثر المجل
ــ
أربد إلا على لغة من قال: إحمار بهمزة بعد الميم لالتقاء الساكنين. فيقال: إرباد فهو مربئد، والدال مشددة على القولين. وأما قوله: ((مجخيا)) فهو بميم مضمومة ثم جيم مفتوحة، ثم خاء معجمة مكسورة. ومعناه مائلا كذا قاله الهروي. وفسره الراوي في الكتاب بقوله:((منكوساً)) ((نه)) المجخي المائل عن الاستقامة والاعتدال، شبه القلب الذي لا يعي خبراً بالكوز الذي لا يثبت فيه شيء ((قوله إلا ما أشرب من هواه)) ((مظ)) يعني لا يعرف القلب إلا ما قبل من الاعتقادات الفاسدة والشهوات النفسانية أقول: ولعله أراد أنه من باب تأكيد الذم بما يشبه المدح أي ليس فيه حبة خير البتة إلا هذا وهذا ليس بخير، فيلزم منه أن يكون فيه خير.
الحديث الثالث عن حذيفة رضي الله عنه: قوله: ((حديثين)): ((مح)): الأول: ((حدثنا إن الأمانة ..)). الخ. والثاني:((حدثنا عن رفعها)). والجذر بفتح الجيم وكسرها لغتان والذال المعجمة فيهما وهو الأصل. وأما الأمانة، فالظاهر أن المراد بها التكليف الذي كلف الله تعالى به عباده. والعهد الذي أخذه عليهم. قال صاحب التحرير: الأمانة في الحديث هي الأمانة المذكورة في قوله تعالى: {إنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ} الآية وهي عين الإيمان. و ((الوكت)) بفتح الواو وإسكان الكاف، وبالتاء المثناة من فوق. و ((المجل)) بإسكان الجيم، وفتحها لغتان، المشهور الإسكان. [((فا))] الفرق بين الوكت والمجل أن الوكت النقطة في الشيء من غير لونه يقال: بعينه وكت، ووكت البر إذا بدت فيه نقطة الإرطاب. والمجل غلظ الجلد من العمل لا غير ويدل عليه قوله:((فتراه منتبرا)) أي منتفخا وليس فيه شيء. ((مح)): قال صاحب التحرير: معنى الحديث أن الأمانة تزول عن القلوب شيئا فشيئاً. فإذا زال شيء أول جزء منها زال نورها، وخلفته ظلمة كالوكت وهو اعتراض لون مخالف للون الذي قبله. فإذا زال شيء آخر صار كالمجل. وهو أثر محكم لا يكاد يزول إلا بعد مدة وهذه الظلمة فوق التي قبلها. ثم شبه زوال ذلك النور بعد وقوعه في القلب وخروجه بعد استقراره فيه واعتقاب الظلمة إياه بجمر يدحرجه على رجله حتى يؤثر فيها ثم يزول الجمر. ويبقى التنفيط. وإنما ذكر نفط ولم يقل نفطت اعتبارا بالعضو.
أقول لعله إنما حملهم على تفسير الأمانة في قوله:((إن الأمانة نزلت بالإيمان)) لقوله آخراً: