حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)). متفق عليه. وفي رواية لمسلم: قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال، قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان أنس)). قال حذيفة: قلت: كيف أصنع يا رسول الله! إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع الأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع)).
٥٣٨٣ - وعن أبي هريرة، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويسمى كافراً، ويسمى مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا)). رواه مسلم.
٥٣٨٤ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه، فمن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذ به)). متفق عليه. وفي رواية لمسلم:
ــ
المتن صحيح متصل بالطريق الأول. وإنما أتى مسلم بهذا متابعة. والحديث المرسل إذا روى من آخر طريق متصلاً تبينا به صحة المرسل. جاز الاحتجاج به ويصير في المسألة حديثان صحيحان.
الحديث الخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((بادروا بالأعمال)) أي سابقوا وقوع الفتن بالاشتغال بالأعمال الصالحة، واهتموا بها قبل نزولها، كما روى ((بادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشتغلوا)) فالمبادرة المسارعة بإدراك الشيء قبل فواته. أو بدفعه قبل وقوعه. وقوله:((يصبح الرجل)) استئناف بيان لحال المشبه. وهو قوله:((فتنا)) وقوله: ((يبيع دينه بعرض من الدنيا)) بيان للبيان.
((مظ)): فيه وجوه: أحدها: أن يكون بين الطائفتين من المسلمين قتال لمجرد العصبية والغضب. فيستحلون الدم والمال. وثانيها: أن تكون ولاة المسلمين ظلمة فيريقون دماء المسلمين، ويأخذون أموالهم بغير حق ويشربون الخمر فيعتقد بعض الناس أنهم على الحق، ويفتيهم بعض علماء السوء على جواز ما يفعلون من المحرمات. وثالثها: ما يجري بين الناس مما يخالف الشرع من المعاملات والمبايعات وغيرها فيستحلونها. والله أعلم.
الحديث السادس: عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله: ((من تشرف لها تستشرفه)) ((تو)): أي من تطلع لها دعته إلى الوقوع فيها. والتشرف: التطلع. واستعير هاهنا للإصابة بشرها أو أريد بها أنها تدعوه إلى زيادة النظر إليها، وقيل: إنه من استشرفت الشيء أي علوته، يريد من انتصب لها انتصبت له وبلته وصرعته. وقيل: هو من المخاطرة. والإشفاء على الهلاك أي من خاطر بنفسه فيها أهلكته.