للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥٣٩٦ - وعن حذيفة، قال: قلت: يا رسول الله! أيكون بعد هذا الخير شر كما كان قبله شر؟ قال ((نعم)) قلت: فما العصمة؟ قال ((السيف)) قلت: وهل بعد السيف بقية؟ قال ((نعم، تكون إمارة على أقذاء، وهدنة على دخن)). قلت ثم ماذا؟ قال: ((ثم ينشأ دعاة الضلال، فإن كان لله في الأرض خليفة جلد ظهرك، وأخذ مالك، فأطعه، وإلا فمت وأنت عاض على جذل شجرة)).

ــ

القائم بأمور المسلمين ((أمر المؤمنين))، وإن كان مخالفا لبعض سير أئمة العدل لقيامه بأمر المؤمنين. ويسمى خليفة؛ لأنه خلف الماضي قبله وقام مقامه. ولا يسمى أحد خليفة الله بعد آدم وداود عليهما السلام.

وروى أن رجلا قال لأبي بكر يا خليفة الله! فقال أنا خليفة محمد، وأنا راض بذلك، وقال رجل لعمر بن عبد العزيز: يا خليفة الله! فقال: ويحك! لقد تناولت متناولا، إن أمي سمتني عمر، فلو دعوتني بهذا الاسم قبلت ثم وليتموني أموركم فسميتموني أمير المؤمنين فلو دعوتني بذلك كفاك. قوله: ((ثم يقول سفينة: أمسك)) أي يقول لراويه عد مدة الخلافة. أقول لعل الوجه أن يقال: أمسك أي اضبط الحساب عاقدا أصابعك، حتى يكون ((أمسك)) محمولا على أصله.

الحديث الرابع عن حذيفة رضي الله عنه قوله: ((فما العصمة؟)) أي فما العصمة عن الوقوع في ذلك الشر. ((قال: السيف)) أي تحصل العصمة باستعمال السيف. حمل قتادة هذا على أهل الردة الذين كانوا في زمن الصديق رضي الله عنه. قوله ((إمارة على أقذاء)). ((نه)) الأقذاء جمع قذا والقذى جمع قذاة. وهو ما يقع في العين والماء والشراب من تراب أو نتن أو وسخ أو غير ذلك. أراد أن اجتماعهم يكون على فساد في قلوبهم. فشبهه بقذى العين والماء والشرب. ((قض)) أي أمارة مشوبة بشيء من البدع وارتكاب المناهي، وصلح مع خداع وخيانة ونفاق.

قوله: ((وهدنة على دخن)). ((فا)) هدن سكن. يقال: هدن يهدن هدونا ومهدنا ومهدنة. وضربه مثلا لما بينهم من الفساد الباطن تحت الصلاح الظاهر. قوله ((وإلا فمت وأنت عاض)). ((قض)) أي إن لم يكن لله في الأرض خليفة فعليك بالعزلة والصبر على مضض الزمان، والتحمل لمشاقه وشدائده، وعض جذل الشجر وهو أصله كناية عن مكابدة الشدائد من قولهم: فلان يعض بالحجارة لشدة الألم. ويحتمل أن يكون المراد منه أن ينقطع عن الناس ويتبوأ أجمة. ويلزم أصل شجرة إلى أن يموت أو ينقلب الأمر من قولهم عض الرجل بصاحبه إذا لزمه ولصق به. ومنه: ((عضوا عليها بالنواجذ)).

وقيل: هذا الجملة قسيم قوله: ((فأطعه)) ومعناه إن لم تطعه أدتك المخالفة إلى ما لا تستطيع أن

<<  <  ج: ص:  >  >>