وألبس السلاح؟ قال:((شاركت القوم إذا)). قلت: فكيف أصنع يا رسول الله؟ قال:((إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فألق ناحية ثوبك على وجهك ليبوء بإثمك وإثمه)). رواه أبو داود. [٥٣٩٧]
٥٣٩٨ - وعن عبد الله بن عمر بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((كيف بك إذا أبقيت في حثالة من الناس مرجت عهودهم وأماناتهم؟ واختلفوا فكانوا هكذا؟)) وشبك بين أصابعه. قال: فبم تأمرني؟ قال ((عليك بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصة نفسك، وإياك وعوامهم)). وفي رواية:((ألزم بيتك، واملك عليك لسانك؛ وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك ودع أمر العامة)) .. رواه الترمذي، وصححه. [٥٣٩٨]
ــ
كن معه ولا تقاتل؛ ولذلك عقبه بقوله:((إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف)) وهو كناية عن سلامة نفسه لمن يقصده فيقتله. يدل عليه قوله ((ليبوء بإثمك وإثمه)) ونظيره: قوله في حديث أبي بكرة في الفصل الأول: ((إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى احد الصفين)) إلى قوله: ((يبوء بإثمه وإثمك)) كما قال هاهنا: ((فألق ناحية ثوبك على وجهك ليبوء بإثمك وإثمه)) فإنه كناية عن التسليم. قيل: وهذا الكلام زجر منه صلى الله عليه وسلم [للسعي] على كثرة إراقة الدماء وإلا فمن المعلوم من أصل الشرع أن دفع الخصم واجب.
الحديث السادس عن عبد الله: قوله: ((كيف بك؟)) مبتدأ وخبر. والباء زائدة في المبتدأ أي كيف أنت أي حالك؟. ((نه))؛ ((الحثالة)) الرديء من كل شيء. ومنه حثالة التمر والأرز والشعير وكل ذي قشر.
قوله:((مرجت عهودهم)) ((تو)): أي اختلطت وفسدت فقلت فيهم أسباب الديانات. وقوله:((هكذا، وشبك بين أصابعه)) أي يموج بعضهم في بعض ويلتبس أمر دينهم، فلا يعرف الأمين من الخائن ولا البر من الفاجر. قوله ((عليك بما تعرف)) أي ألزم وافعل ما تعرف كونه حقا، واترك ما تنكر أنه حق. ((مظ)): ((وعليك بخاصة نفسك)) أي ألزم. أمر نفسك وأحفظ دينك، واترك الناس ولا تتبعهم. وهذا رخصة في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كثر الأشرار وضعف الأخيار. والإملاك: السد والإحكام، يعني سد لسانك، ولا تتكلم في أحوال الناس كيلا يؤذوك.