٥٤١٦ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل يقال له: الجهجاه)) وفي رواية: ((حتى يملك رجل من الموالي يقال له: الجهجاه)) رواه مسلم.
٥٤١٧ - وعن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لتفتحن عصابة من المسلمين كنز آل كسرى الذي في الأبيض)) رواه مسلم.
٥٤١٨ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هلك كسرى فلا يكون كسرى بعده، وقيصر ليهلكن ثم لا يكون قيصر بعده، ولتقسمن كنوزهما في سبيل الله)) وسمى ((الحرب خدعة)) متفق عليه.
ــ
الحديث السادس والسابع عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((الهجهجاه)). ((مح)): هو بفتح الجيم وإسكان الهاء. وفي بعض النسخ:((الهجهجها)) بهائين. وفي بعضها:((الهجهجا)) بحذف الها التي بعد الألف. والأول هو المشهور. قوله:((لتفتحن)). ((تو)): وجدناه في أكثر نسخ المصابيح بتائين بعد الفاء. ونحن نرويه عن كتاب مسلم بتاء واحدة وهو أمثل معنى؛ لأن الافتتاح أكثر ما يستعمل بمعنى الاستفتاح. فلا يقع موقع الفتح في تحقيق الأمر ووقوعه. والحديث إنما ورد في معنى الإخبار عن الكوائن.
((قض)): ((الأبيض)) قصر حصين كان بالمدائن. وكانت الفرس تسميه سفيد كوشك. والآن بني مكانه مسجد مدائن. وقد أخرج كنزه في أيام عمر رضي الله عنه. وقيل: الحصن الذي بهمدان بناه [دار بن دارا].
الحديث الثامن عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((ليهلكن)) هلاك كسرى وقيصر كانا متوقعين. فأخبر عن هلاك كسرى بالماضي دلالة على أنه كالواقع بناء على إخبار الصادق. وأتى في الإخبار عن قيصر بلام القسم في المضارع. وبنى الكلام على المبتدأ والخبر. إشعارا بالاعتناء بشأنه وأنه [أطلب] منه. وذلك أن الروم كانوا سكان الشام، وكان صلى الله عليه وسلم في فتحه أشد رغبة؛ ومن ثمة غزا صلى الله عليه وسلم تبوك، وهي من الشام.
فإن قلت: ما وجه المناسبة بين قوله: ((وسمى الحرب خدعة)) وبين الكلام السابق؟ قلت: هو وارد على سبيل الاستطراد؛ لأن أصل الكلام كان في ذكر الفتح، وكان حديثا مشتملا على الحرب. فأورده في الذكر كما ورد في قوله تعالى:{ومِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًا} بعد قوله: {ومَا يَسْتَوِي البَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ} والمراد منهما المؤمن والكافر.