للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسلام، يعني الروم، فيتشرط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون، حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب، وتفني الشرطة، ثم يتشرط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون، حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب، وتفني الشرطة، ثم يتشرط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب وتفنى الشرطة فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله الدبرة عليهم، فيقتلون مقتلة لم ير مثلها، حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فلا يخلفهم حتى يخر ميتاً، فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقسم؟ فبيناهم كذلك إذا سمعوا ببأس هو اكبر من

ــ

والشرطة نخبة الجيش التي تشهد الوقعة أولا، سموا بذلك: لأنهم يشرطون أنفسهم للهلكة. ((مح)): ((الشرطة)) – بضم الشين – طائفة من الجيش يتقدمون للقتال. وقوله: ((يشترط)) ضبطوه بوجهين: أحدهما: بياء مثناة تحت ثم شين ساكنة مثناة فوق. والثاني بياء مثناة تحت ثم تاء مثناة فوق، ثم شين مفتوحة وتشديد الراء.

((تو)): يشكل معنى هذا من بقية الحديث، ((فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة)) فلو كانت الشرطة ها هنا على ما وصفوه في معنى قوله: ((وتفنى الشرطة)) وقد ذكر أن كل واحد من الفئتين يرجع غير غالب. والوجه في تصحيح هذه الرواية من طريق المعنى أن يقال: أراد بـ ((من بقى)) غير غالب معظم الجيش وصاحب رايتهم، لا النفر الذين تقدموا وهم الشرطة.

وقوله: ((يتشرط)) فإنه في الحديث كذلك، استعمل ((يشترط)) مكان ((اشترط)) يقال: اشترط فلان بنفسه لأمر كذا، أي قدمها وأعدها وأعلمها. ولو وجدت الرواية بفتح الشين من الشرطة لكان معناه أوضح وأقوم مع قوله: ((وتفني الشرطة)) أي يشترطون فيما بينهم شرطا أن لا يرجعوا إلا غالبة، يعني يومهم ذلك فإذا حجز بينهم الليل ارتفع الشرط الذي شرطوه. وإنما أدخل فيه التاء؛ ليدل على التوحيد أي يشترطون شرطة واحدة لا مثنوية فيها ولم يعرف ذلك من طريق الرواية.

أقول: إذا وجدت الرواية الصريحة الصحيحة وجب الذهاب إليها، والانحراف عن التحريف من ضم الشين إلى فتحها والتزام التكلف في تأويل التاء، والعدول عن الحقيقة في نفس الشرطة إلى ذلك المجاز البعيد. وأي مانع من أن يفرض أن الفئة العظيمة من المسلمين أفرزوا من بينهم طائفة تقدم الجيش للمقاتلة. واشترطوا عليها أن لا ترجع إلا غالبة؛ فلذلك بذلوا جهدهم وصدقوا فيما عاهدوا، وقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم. وهو المراد من قوله: ((وتفني الشرطة)).

<<  <  ج: ص:  >  >>