٥٥٥٣ - وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يجاء بنوح يوم القيامة، فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم، يا رب! فتسأل أمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما جاءنا من نذير. فيقال: من شهودك؟ فيقول: محمد وأمته)). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((فيجاء بكم فتشهدون على أنه قد بلغ)) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)) رواه البخاري.
٥٥٥٤ - وعن أنس، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك، فقال:((هل تدرون مما أضحك؟)) قال: قلنا: الله ورسوله أعلم. قال:((من مخاطبة العبد ربه، يقول: يا رب! ألم تجرني من الظلم؟)) قال: ((يقول: بلى)). قال:((فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني)). قال:((فيقول: كفي بنفسك اليوم عليك شهيداً وبالكرام
ــ
ولعل تخصيص اليهود والنصارى بالذكر لاشتهارهما بمضادة المسلمين، ومقابلتهما إياهم في تصديق الرسول المقتضى لنجاته.
الحديث الخامس عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((فيقول: محمد وأمته، وقد قال الله تعالى:{ويكون الرسول عليكم شهيداً} مقدما صلة الشهادة ليفيد اختصاصهم بشهادته عليهم لا على غيرهم؟
قلت: لم يرد باختصاصهم بشهادة أنه يشهد عليهم للزوم المضرة، والكلام وارد في مدح الأمة، فالغرض هنا أنه يزكيهم، فضمن ((شهد)) معنى ((رقب)) لأن العدول حتاج إلى رقيب يحفظ أحوالهم ليطلع عليها ظاهراً وباطناً فيزكيهم، ولما كانوا هم العدول من بين سائر الأمم خصهم الله تعالى بكون الرسول عليهم شهيداً، أي: رقيباً مزكياً، وهذا لا يدل على أنه لا يشهد على سائر الأمم، مع أن مزكي الشاهد أيضاً شاهد.
قوله:((وسطاً)) ((نه)): يقال: هو من أوسط القوم، أي: خيارهم، وقد وسط وساطة فهو وسيط.
الحديث السادس عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((ألم تجرني من الظلم)) أي ألم تجعلني في إجارة منك بقولك: {وما ربك بظلام للعبيد}.
قوله:((وبالكرام الكاتبين)) فإن قلت: دلت أداة الحصر على أن لا يشهد عليه غيره، فكيف أجاب بقوله: كفي بنفسك وبالكرام الكاتبين؟