للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا. فيقول: لست هناكم. - ويذكر خطيئته التي أصاب: أكله من الشجرة وقد نهي عنها - ولكن ائتوا نوحاً أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض، فيأتون نوحاً، فيقول: لست هناكم - ويذكر خطيئته التي أصاب: سؤاله: ربه بغير علم - ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن. قال: فيأتون إبراهيم، فيقول: إني لست هناكم - ويذكر ثلاث كذبات كذبهن

ــ

وهو مبهم فيه معنى الكمال لا يعلم ما يراد منه ففسر بما بعده من قوله ((أنت آدم أبو الناس، خلقك الله بيده)) إلى آخره.

قوله: ((كل شيء)) وضع شيء موضع الأشياء أي: المسميات، لقوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} أي: أسماء المسميات إرادة للتقصي واحداً فواحداً حتى يستغرق المسميات كلها.

قوله: ((لست هناكم)) قض: أي يقول لهم آدم عليه السلام: لست في المكان والمنزل الذي تحسبونني، يريد به مقام الشفاعة.

وقوله: ((ويذكر خطيئته التي أصاب)) اعتذاراً عن التقاعد والتأني عن الشفاعة، والراجع إلى الموصول محذوف أي التي أصابها، وأكله بدل من خطيئته - انتهى كلامه - ويجوز أن يكون بياناً للضمير المبهم المحذوف، نحو قوله تعالى: {فقضاهن سبع سماوات في يومين}.

مح: قال القاضي عياض: لست هناكم كناية عن أن منزلتهم دون هذه المنزلة، يقولونه تواضعاً وإكباراً لما يسألونه، وقد يكون إشارة من كل واحد منهم إلى أن هذه الشفاعة وهذا المقام ليس له بل لغيره، وكل واحد منهم يدل على الآخر حتى ينتهي الأمر إلى صاحبه، ويحتمل أنهم علموا أن صاحبها محمد صلى الله عليه وسلم معيناً، وتكون إحالة كل واحد منهم على الآخر لأن تتدرج الشفاعة في ذلك إلى نبينا محمد صلى الله عليه وآله وبارك وسلم، ومبادرة النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وإجابته لرغبتهم لتحققه أن هذه الكرامة والمقام له خاصة.

قال الشيخ محي الدين رحمه الله: والحكمة في أن الله تعالى ألهمهم سؤال آدم ومن بعده صلوات الله تعالى وسلامه عليهم في الابتداء، ولم يلهموا سؤال نبينا صلى الله عليه وسلم إظهاراً لفضيلة نبينا صلى الله عليه وسلم، فإنهم لو سألوه ابتداء لكان يحتمل أن غيره يقدر على هذا، فأما إذا سألوه غيره من رسل الله تعالى وأصفيائه فامتنعوا، ثم سألوه فأجاب وحصل غرضهم فهو النهاية في ارتفاع المنزلة

<<  <  ج: ص:  >  >>