للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولكن ائتوا موسى عبداً آتاه الله التوراة، وكلمه وقربه نجياً. قال: فيأتون موسى فيقول: إني لست هناكم - ويذكر خطيئته التي أصاب قتله النفس - ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وروح الله وكلمته)) قال: ((فيأتون عيسى فيقول: لست هناكم،

ــ

وكمال القرب، وفيه تفضيله على جميع المخلوقين من الرسل والآدميين والملائكة المقربين، فإن هذا الأمر العظيم - وهي الشفاعة العظمى - لا يقدر على الإقدام عليه غيره صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.

قوله: ((سؤاله ربه بغير علم)) موقع سؤاله هنا موقع أكله في القرينة السابقة، وقوله: ((بغير علم)) حال من الضمير المضاف إليه في سؤاله، أي: صادراً عنه بغير علم، أو من المضاف، أي: ملتبسا بغير علم، و ((ربه)) مفعول سؤاله، والمراد بالسؤال قوله: {رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق} طلب أن ينجيه من الغرق، والمراد من قوله: ((بغير علم)) أنه سأل ما لا يجوز سؤاله، وكان يجب عليه أن لا يسأل كما قال الله تعالى: {فلا تسألني ما ليس لك به علم} وذلك أنه قال: {إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق} أي: وعدتني أن تنجي أهلي من الغرق وإن ابني من أهلي فنجه، قيل له: ما شعرت من المراد بالأهل، وهو من آمن وعمل صالحاً، وابنك عمل غير صالح.

((مح)) قال المازري: قد ذكر المؤرخون أن إدريس جد نوح عليهما السلام، فإن قام دليل على أنه أرسل أيضاً لم يصح أنه قبل نوح، لإخبار النبي عن آدم عليه الصلاة والسلام أن نوحاً أول رسول بعث، وإن لم يقم دليل جاز ما قالوا، وصح أن يحمل أن إدريس كان نبياً غير مرسل.

قال القاضي عياض: وقد قيل: إن إدريس هو إلياس، وأنه كان نبياً في بني إسرائيل كما جاء في بعض الأخبار، فإن كان هكذا سقط الاعتراض بآدم وشيث ورسالتهما إلى من معهما، وإن كانا رسولين فإن آدم إنما أرسل إلى بنيه ولم يكونوا كفاراً، بل أمر بتعليمهم الإيمان وطاعة الله تعالى، وكذلك خلفه شيث بعده فيهم، بخلاف رسالة نوح إلى كفار أهل الأرض.

قال القاضي: وقد رأيت أنبا الحسن ذهب إلى أن آدم ليس برسول ليسلم من هذا الاعتراض، وحديث أبي ذر نص دال على أن آدم وإدريس رسولان.

قوله: ((ويذكر ثلاث كذبات)) قض: إحدى الكذبات المنسوبة إلى إبراهيم عليه السلام قوله: {إني سقيم} وثانيها قوله: {بل فعله كبيرهم هذا} وثالثها قوله لسارة: ((هي أختي)) والحق أنها معاريض، ولكن لما كانت صورتها صورة الكذب سماها ((أكاذيب)) واستنقص من نفسه لها، فإن من كان أعرف بالله وأقرب منه منزلة كان أعظم خطراً، وأشد خشية، وعلى هذا القياس سائر ما أضيف إلى الأنبياء من الخطايا.

<<  <  ج: ص:  >  >>