ولكن ائتوا محمداً عبداً غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)). قال:((فيأتوني فأستأذن على ربي في داره، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، فيقول: ارفع محمد! وقل تسمع، واشفع تشفع، وسل تعطه)). قال:((فأرفع رأسي، فأثني على ربي بثناء تحميد يعلمنيه، ثم أشفع فيحد لي حداً، فأخرج، فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة، ثم أعود الثانية فأستأذن على ربي في
ــ
قوله: ((غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ..)) ((مح)) هذا مما اختلفوا في معناه، قال القاضي: المتقدم ما كان قبل النبوة، والمتأخر عصمتك بعدها.
وقيل: المراد ما وقع منه صلى الله عليه وسلم من سهو وتأويل - حكاه الطبري، واختاره القشيري.
وقيل: ما تقدم لأبيك آدم وما تأخر من ذنوب أمتك.
وقيل: المراد أنه مغفور له غير مؤاخذ بذنب لو كان.
وقيل: هو تنزيه له عن الذنوب.
قوله:((فيؤذن لي)) قال القاضي عياض: فيؤذن لي في الشفاعة الموعود بها، والمقام المحمود الذي ادخره الله تعالى له وأعلمه أنه سيبعثه فيه.
قال القاضي: وجاء في حديث أنس وحديث أبي هريرة رضي الله عنهما: ابتداء النبي صلى الله عليه وسلم بعد سجوده وحمده والإذن له بالشفاعة بقوله: ((أمتي، أمتي)) وقوله: ((ما يبقى في النار إلا من قد حبسه القرآن)) أي: وجب عليه الخلود، وبين مسلم أن قوله:((وجب عليه الخلود)) هو تفسير قتادة الراوي، وهذا التفسير صحيح، ومعناه من أخبر القرآن أنه مخلد في النار، وهم الكفار، قال الله تعالى:{إن الله لا يغفر أن يشرك به} وفي هذا دلالة لمذهب أهل الحق أنه لا يخلد في النار أحد مات على التوحيد.
قوله:((فأستأذن على ربي في داره)) أي: فأستأذن في الدخول على دار ربي فيؤذن لي في الدخول عليه.
تو: إضافة دار الثواب هنا إلى الله تعالى كإضافته في قوله تعالى: {لهم دار السلام} على أن السلام اسم من أسماء الله تعالى في أحد الوجهين، وإضافتها إلى الله تعالى للشرف والكرامة، والمراد بالاستئذان عليه أن يدخل مكاناً لا يقف فيه داع إلا استجيب، ولا يقوم به سائل إلا أجيب، ولم يكن بين الواقف فيه وبين ربه حجاب، والحكمة في نقل النبي صلى الله عليه وسلم عن موقفه ذلك إلى دار السلام لعرض الحاجة هي أن موقف العرض والحساب موقف السياسة، ولما كان من حق الشفيع أن يقوم مقام كرامة فتقع الشفاعة موقعها أرشد صلى الله عليه وسلم إلى