للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عرفتم، فتحرم صورهم على النار، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا! ما بقى فيها أحد ممن أمرتنا به، فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دنيار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقا ًكثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها خيراً، فيقول الله: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط قد عادوا حمماً فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له: نهر الحياة،

ــ

وقوله: ((لم نذر فيها خيراً)) أي: من كان فيه شيء من ثمرات الإيمان، من ازدياد اليقين والعمل الصالح، فوضع الخير موضع الذات كما يوضع العدل موضعه مبالغة.

((مح)) قال القاضي عياض: قيل: معنى الخير هنا اليقين.

قال: والصحيح أن معناه شيء زائد على مجرد الإيمان، لأن مجرد الإيمان الذي هو التصديق لا يتجزأ، وإنما يكون هذا التجزؤ بشيء زائد عليه من عمل صالح أو ذكر خفي أو عمل من أعمال القلب من الشفقة على مسكين، أو خوف من الله تعالى ونية صادقة.

قوله: ((فيقبض قبضة من النار)) هم الذين معهم مجرد الإيمان، وهم الذين لم تؤذن فيهم الشفاعة، وتفرد الله تعالى بعلم ما تكنه القلوب بالرحمة لمن ليس عنده إلا مجرد الإيمان، وفيه دليل: على أنه لا ينفع من العمل إلا ما حضر له القلب وصحبته نية، وعلى: زيادة الإيمان ونقصانه وهو مذهب أهل السنة.

والحمم: جمع حمة وهي الفحمة.

وعاد: بمعنى صار، ومنه حديث كعب: ((وددت أن يعود هذا اللبن قطراناً) أي يصير.

و ((أفواه)) جمع فوهة بضم الفاء وتشديد الواو المفتوحة، وهو جمع سمع من العرب على غير قياس، وأفواه الأزقة والأنهار أوائلها.

قوله: ((كما تخرج الحبة)) ((حس)): الحبة بكسر الحاء وتشديد الباء، اسم جامع لحبوب البقول التي تنتثر إذا هاجت الريح، ثم إذا أمطرت من قابل نبتت.

وقال الكسائي: هي حب الرياحين، فأما الحنطة ونحوها فهي الحب لا غير، والحبة من العنب فبالفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>