للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعلم قدر عظمها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم من يخردل ثم ينجو، حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرجه ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله، أمر الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله، فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود، وحرم الله تعالى على النار أن تأكل أثر السجود، فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتحشوا، فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ويبقى رجل بين الجنة والنار، وهو آخر أهل النار دخولاً الجنة، مقبل بوجهه قبل النار، فيقول: يا رب! اصرف وجهي عن النار، فإنه قد قشبني ريحها، وأحرقني ذكاؤها،

ــ

وقوله: ((تخطفهم)) يروى بفتح الطاء وكسرها أو تخطفهم بسبب أعمالهم القبيحة أو بحسب أعمالهم.

قوله: ((فمنهم من يوبق بعمله)) نه: وبق يبق، ووبق يوبق إذا هلك، وأوبق غيره فهو موبق أيك مهلك.

والمخردل: المتقطع تقطعه كلاليب الصراط حتى يهوى في النار، يقال: خردلت اللحم بالدال والذال، أي: فصلت أعضائه وقطعته - انتهى كلامه -.

والفاء في قوله: ((فمنهم)) تفصيل للناس الذين تخطفهم الكلاليب بحسب أعمالهم، فالكافر يوبق، والمؤمن العاصي إما مخدوش مرسل أو مدوس مخردل في نار جهنم ثم ينجو.

و ((حتى إذا فرغ الله)) غاية قوله: ((يخردل)) ونحوه سبق في حديث أبي سعيد رضي الله عنه:

ومكدوس في نار جهنم حتى إذا خلص المؤمنون.

وقوله: ((ثم ينجو)) كالمجمل للتفصيل لأن المضارع قد يراد منه الاستمرار والتكرير.

قوله: ((إلا أثر السجود)) أي: إلا موضع أثر السجود.

مح: ظاهر هذا أن النار لا تأكل جميع أعضاء السجود السبعة وهي: الجبهة واليدان والركبتان والقدمان.

وقال القاضي عياض: المراد بأثر السجود الجبهة خاصة.

والمختار الأول.

و ((قشبني)) أي: سمني وآذاني وأهلكني، وقال الداودي: معناه غير جلدي وصورتي.

و ((ذكاؤها)) بالمد وفتح الذال المعجمة، وكذا وقع في جميع روايات الحديث أي: لهبها

<<  <  ج: ص:  >  >>