للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيقول: هل عسيت إن أفعل ذلك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول: لا وعزتك، فيعطي الله ما شاء الله من عهد وميثاق، فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل به على الجنة ورأي بهجتها، سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم قال: يا رب! قدمني عند باب الجنة، فيقول الله تبارك وتعالى: أليس أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت. فيقول: يا رب لا أكون أشقى خلقك. فيقول: فما عسيت إن أعطيت ذلك أن تسأل غيره. فيقول: لا وعزتك لا أسألك غير ذلك، فيعطي ربه ما شاء من عهد وميثاق، فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا بلغ بابها فرأي زهرتها وما فيها من النضرة والسرور، فسكت ما شاء الله أن يسكت، فيقول: يا رب! أدخلني الجنة فيقول الله تبارك

ــ

واشتعالها وشدة وهجها، والأشهر في اللغة مقصورة وقيل: إن القصر والمد لغتان، يقال: ذكت النار تذكو إذا اشتعلت، وأذكيتها أنا.

قوله: ((أن تسأل غير ذلك)) خبر عسى، و ((إن أفعل ذلك)) معترض بينهما، والمعنى: هل يتوقع منك السؤال؟

فإن قلت: كيف يصح هذا من الله تعالى وهو عالم بما كان وما يكون؟

قلت: معناه أنكم يا بني آدم لما عهد منكم من رخاوة الوعد ونقص العهد أحقاء بأن يقال لكم: يا هؤلاء ما ترون هل يتوقع منكم ذلك أم لا؟ وحاصله أن معنى عسى راجع إلى المخاطب لا إلى الله تعالى: وهو من باب إرخاء العنان وبعث المخاطب على التفكر في أمره وشأنه لينصف من نفسه ويذعن للحق.

والبهجة: الحسن والنضارة، وبهجة الجنة حسنها وحسن ما فيها من النعيم، يقال بهج الشيء يبهج فهو بهيج، ويهج به بالكسر إذا فرح به وسر.

قوله: ((لا أكون أشقى خلقك)) فإذا قلت: كيف طابق هذا الجواب قوله: ((أليس قد أعطيت العهود والميثاق؟)).

قلت: كأنه قال: يا رب بلى أعطيت العهود والميثاق، ولكن تأملت في كرمك وعفوك ورحمتك وقولك: {لا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}.

فوقفت على أني لست من الكفار الذين أيسوا من رحمتك، وطمعت في كرمك وسعة رحمتك، فسألت ذلك، وكأنه تعالى رضي عنه بهذا القول فضحك.

قوله: ((فسكت)) كذا في صحيح البخاري وأكثر نسخ المصابيح، فعلى هذا جواب ((إذا))

<<  <  ج: ص:  >  >>