وتعالى: ويلك يا ابن آدم! ما أغدرك! أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي أعطيت. فيقول: يا رب! لا تجعلني أشقى خلقك، فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه، فإذا ضحك أذن له في دخول الجنة، فيقول: تمن، فيتمنى حتى إذا انقطعت أمنيته قال الله تعالى: تمن من كذا وكذا، أقبل يذكره ربه، حتى إذا انتهت به الأماني قال الله: لك ذلك ومثله معه)).
وفي رواية أبي سعيد:((قال الله: لك ذلك وعشرة أمثاله)). متفق عليه.
٥٥٨٢ - وعن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((آخر من يدخل الجنة رجل، يمشي مرة ويكبو مرة وتسفعه النار مرة، فإذا جاؤوها التفت إليها فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً من الأولين والآخرين فترفع
ــ
محذوف، والمعنى: إذا بلغ ورأي ما رأي تحير فسكت، ونظيره قوله تعالى: ((وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها)).
قوله:((تمن من كذا)) خط: ((من)) فيه للبيان، يعني تمن من كل جنس ما تشتهي منه.
أقول: نحوه {يغفر لكم ذنوبكم} ويحتمل أن تكون زائدة في الإثبات على مذهب الأخفش.
قوله:((أقبل يذكره ربه)) بدل من الجملة السابقة على سبيل البيان، و ((ربه)) تنازع فيه العاملان.
الحديث الرابع عشر عن ابن مسعود رضي الله عنه:
قوله:((فهو يمشي)) الفاء يجوز أن تكون تفصيلية، أبهم أولا دخوله في الجنة ثم فصل كيفية دخوله فيها ثانياً، وأن تكون لتعقيب الأخبار، وأن تقدم ما بعدها على ما قبلها في الوجود فوقعت موقع ثم في هذا المعنى، كأنه قيل: أخبركم عقيب هذا القول حاله في المشي قبل دخوله إلى الجنة.
وقوله:((لقد أعطاني)) جواب قسم محذوف، أي أقسم من الفرح أن نجاته نعمه ما ظفر بها أحد من العالمين.
و ((تسفعه النار)) أي أعلمت في وجهه علامة، يقال: سفعت الشيء إذا جعلت عليه علامة، يريد أثراً من النار.