فاعل)). قلت: يا رسول الله! فأين أطلبك؟ قال:((اطلبني أوَّل ما تطلبُني على الصراط)) قلتُ: فإن لم ألقك على الصراط؟ قال:((فاطلبني عند الميزان)) قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال:((فاطلبني عند الحوض، فإني لا أخطيء هذه الثلاث المواطن)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب. [٥٥٩٥]
٥٥٩٦ - وعن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قيل له: ما المقامُ المحمودُ؟ قال:((ذلك يومٌ ينزلُ الله تعالى على كرسيه فيئطُّ كما يئطُّ الرحلُ الجديد من تضايقه
ــ
((أول ما تطلبني)) ما: مصدرية، وأول: نصبه على المصدر، أي اطلبني أول طلب.
و ((الثلاث)) روي على صيغة التذكير والتأنيث، والتذكير ظاهر، وأما التأنيث فباعتبار البقعة.
الحديث الخامس عن ابن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((ذلك اليوم ينزل الله تعالى على كرسيه)) فإن قيل: كيف وجه المطابقة بين السؤال والجواب؟
قلت: ما دل على الجواب هو قوله: ((ثم أقوم على يمين الله)) أي المقام الذى فيه قيامي على يمين الله، فلما أراد أن يفخم ويعظم شأنه أتى في مقدمة الجواب باسم الإشارة الدال على بعده منزلة ثم أخبر عنه بقوله:((يوم)) ونكره تنكير تهويل، ثم وصفه بما يشتمل على عظمة شأنه عز اسمه وجل سلطانه من أخذ الزبدة من المجموع، من غير نظر إلى مفردات الكلام في جهة من جهتي الحقيقة والمجاز، على مامر في الحديث الرابع من الفصل الأول في باب النفخ في الصور، فأطنب في بيانه ثم أدرج فيه ما سيق الكلام لأجله من قوله:((ثم أقوم على يمين الله مقامًا)) هذا على سبيل الكناية الإيمائية، وأما على سبيل المجاز، والاستعارة التمثيلية فهو ما أشار إليه بقوله مثل التجلي لعباده بنعت العظمة والكبرياء، والإقبال عليهم للعدل والقضاء، وإدناء المقربين منهم على حسب مراتبهم، وكشف الحجاب فيما بينه وبينهم بنزول السلطان من غرف القصر إلى صدر الدار، وجلوسه على كرسي الملك للحكومة والفصل، وإقامة خواصه وأهل كرامته حواليه قدامًا ووراء ويمينًا وشمالا على تفاوت مراتبهم لديه.
وقوله:((فيئط كما يئط الرحل)) مبالغة وتصويرًا لعظمة التجلي على طريقة الترشيح.
والريطة: الملاءة الرقيقة من الكتان التي لا تكون لفقتين يؤتى بها من الشام، وجمعها رياط. أقول: وقوله: ((وهو كسعة)) حال، أو معترضة جيء بها دفعًا لتوهم من يتوهم أن أطيط