وغيرُكِ، فأرسل إليها، فأتي بها، قام إبراهيم يُصلي، فلمَّا دخلت عليه، ذهب يتناولها بيده، فأخذ - ويُروى فغطَّ - حتى ركض برجله، فقال: ادعي الله لي ولا أضرك، فدعت الله فأطلق، ثم تناولها الثانية، فأخذ مثلها أو أشد، فقال: ادعي الله لي ولا أضرك، فدعت الله فأطلق، فدعا بعض حجبته، فقال: إنك لم تأتني بإنسانٍ، إنما أتيتني بشيطانٍ، فأخدَمَها هاجر، فأتته وهو قائمٌ يصلي، فأومأ بيده مهيم؟ قالت: رد
ــ
قلت: نحن وإن أخرجناها عن مفهوم الكذبات باعتبار التورية وسميناها معاريض فلا ننكر أن صورتها صورة التعريج عن المستقيم، فالحبيب قصد إلى براءة ساحة الخليل عما لا يليق بها فسماها معاريض، والخليل لمح إلى مرتبة الشفاعة هنالك وأنها مختصة بالحبيب فتجوز بالكذبات.
مح: قوله: ((إذ أتى)) جواب: ((بينا)) أي بيناهما يسيران ذات يوم إذ أتيا على بلد جبار من الجبابرة فوشى بهما، وقوله:((من هذه؟)) بيان للسؤال سأل الجبار بهذا اللفظ، وقوله:((يغلبني عليك)) أي يأخذك مني قهرًا، من قولك: غلبني فلان على كذا إذا أخذه منك وامتلكه.
وقوله:((ليس على وجه الأرض مؤمن غيرى وغيرك)) يريد به قوله: {إنما المؤمنون إخوة} يعني أن الإيمان قد عقد بين أهله من السبب القريب والسبب اللاصق ما يفضل الأخوة في النسب، وليس أحد أحق بهذا الاسم العقد مني ومنك الآن، لأنه ليس على الأرض مؤمن غيري وغيرك.
وقوله:((فأرسل إليها)) أي الجبار إلى سارة يطلبها.
وقوله:((قام إبراهيم)) جملة مستأنفة، كأن قائلا قال: فما فعل بعد؟ فأجيب: قام.
((وذهب يتناولها)) أي طفق.
((فأخذ)) أي حبس نفسه وضغط، والمراد به الخنق هاهنا، أي أخذ بمجاري نفسه حتى سمع له غطيط، وكذا معنى ((الغط)).
((وركض برجله)) أي ضرب، وأصل الركض الضرب بالرجل كما تركض الدابة.
وقوله:((فأخذ مثلها)) أي أخذه مثل الأخذة الأولى.
وقوله:((إنما أتيتني بشيطان)) أراد به المتمرد من الجن، وكانوا يهابون الجن ويعظمون أمرهم.