إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني وقد خرج لها نور أضاء لها منه قصور الشام)). رواه في ((شرح السنة)). [٥٧٥٩]
ــ
والجار الذي هو ((في)) ليس بمتعلق ((بمنجدل)) وإنما هو خبر ثان، لأن الواو وما بعدها في محل النصب على الحال من المكتوب، والمعنى: كتبت خاتم الأنبياء في الحال الذي آدم عليه الصلاة والسلام مطروح على الأرض، حاصل في أثناء الخلقة لما يفرغ من تصويره وإجراء الروح فيه.
أقول: قوله: على سبيل إنابة فعل مناب فعل لا يجوز إجراء ((منجدل)) على أن يكون مطاوعاً لجدل، لما يلزم منه أن يكون آدم منفعلاً من الأرض الصلبة، بل هو ملقى عليها، ولا يجوز أن يكون في متعلقاً بمنجدل، لما يلزم منه أن يكون المنجدل مظروفاً في طينته، وإنما هو ظرف له وهو حاصل فيه.
وفيه أن الغايات والكمالات سابقة في التقدم لاحقة في الوجود.
قوله:((بأول أمري)) قيل: أي بأول ظهر من نبوتي ومبعثي في الدنيا على لسان أبي الملة الحنيفية إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
وقوله:((دعوة إبراهيم)) أي هو دعا ربه حين بنى الكعبة فقال: {ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم} فاستجاب الله دعاءه فيه.
((وبشارة عيسى)): أراد قوله تعالى: {ومبشراً برسول يأتيي من بعدي اسمه أحمد}.
قوله:((ورؤيا أمي)) يحتمل أن يراد منه الرؤية في المنام وفي اليقظة:
فعلى الأول: معنى ((وضعتني)) أي شارفت وقربت من الوضع، وذلك لما روى ابن الجوزي في كتاب الوفاء أن أمه صلى الله عليه وسلم رأت حين دنت ولادتها أن أتاها آت فقال لها: قولي: أعيذه بالواحد الصمد من شر كل حاسد. بعد أن رأت حين حملت به أن آتيا أتاها وقال: هل شعرت أنك حملت بسيد هذه الأمة ونبيها؟.
وعلى الثاني: يكون المرئي محذوفاً وهو ما دل عليه قوله: ((وقد خرج لها نور أضاء لها منه قصور الشام)).