٥٧٧١ - وعن كعب يحكى عن التوراة قال: نجد مكتوباً محمد رسول الله عبدى المختار، لا فظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يجزى بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، مولده بمكة، وهجرته بطيبة، وملكه بالشام، وأمته الحمادون، يحمدون الله في السراء والضراء، يحمدون الله في كل منزلة، ويكبرونه على كل شرف، رعاة للشمس، يصلون الصلاة إذا جاء وقتها، يتأزرون على أنصافهم، ويتوضئون على أطرافهم، مناديهم ينادى في جو السماء، صفهم في القتال وصفهم
ــ
وكذا قوله:((محاسن الأفعال)).
غب: كل شيء يشرف في باب فإنه يوصف بالكرم، قال تعالى:{وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج}{ومقام كريم}{إنه لقرآن كريم} وإذا وصف الله تعالى به فهو اسم لإحسانه وإنعامه المتظاهر، وإذا وصف به الإنسان فهو اسم للأخلاق والأفعال المحمودة التي تظهر منه، ولا يقال: هو كريم، حتى يظهر ذلك منه، قال بعض العلماء: الكرم كالحرية، إلا أن الحرية قد تقال في المحاسن الصغيرة والكبيرة، والكرم لا يقال إلا في المحاسن الكبيرة - انتهى كلامه -.
ومعنى هذا الحديث وحديث أبي هريرة رضي الله عنه:((مثلى ومثل الأنبياء)) إلى قوله: ((أنا سددت موضع تلك اللبنة)) يلتقيان في معنى إتمام الناقص.
الحديث الثامن عشر عن كعب رضي الله عنه:
قوله:((ملكه بالشام)) مظ: أراد بالملك هاهنا النبوة والدين، فإن ذلك يكون بالشام أغلب، وإلا فملكه بجميع الآفاق لقوله:((وسيبلغ ملك أمتى ما زوى لى منها))، وقيل: معناه الغزو والجهاد ثمة لأنها تصير بلاد الكفار، والجهاد ملكاً لأهل الإسلام، ولهذا لا ينقطع الجهاد في بلاد الشام أصلا، وأمره بالمسافرة إليها لإدراك فضيلة الجهاد والمرابطة في سبيل الله.
((يحمدون الله في كل منزلة)) أي في كل منزل، لعل تأنيثه باعتبار البقعة والناحية، قال ذو الرمة:
أمنزلتى مي سلام عليكما.
أي: يا منزلتى مي، إذا نزلوا شكروا الله تعالى عليه لأنه آواهم إلى المنزل والسكون فيه.
قوله:((على كل شرف)) أي يكبرون الله على كل موضع عال، تعجباً لعظمة الله تعالى وقدرته، لما يشرفون منها على عجائب خلق الله.