للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثالث

٥٧٧٣ - عن ابن عباس، قال: إن الله تعالى فضل محمدا صلي لله عليه وسلم على الأنبياء وعلى أهل السماء. فقالوا: يا أبا عباس! بم فضله الله على أهل السماء؟ قال: إن الله تعالى قال لأهل السماء {ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزى الظالمين} وقال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر

ــ

معه)) هذا هو المكتوب في التوراة، أي مكتوب في التوراة صفة محمد صلى الله عليه وسلم كيت وكيت، عيسى ابن مريم يدفن معه، أو المكتوب صفة محمد كذا وعيسى بن مريم يدفن معه.

وأبو مودود هو أحد رواة الحديث. ((مدني)).

الفصل الثالث

الحديث الأول عن ابن عباس رضي الله عنهما:

قوله: ((ومن يقل منهم إني إله من دونه)) يفهم التفضيل من صولة الخطاب وغلظته في مخاطبة أهل السماء، وفرض ما لا يتأتى منهم وجعله كالواقع، وترتب الوعيد الشديد عليه إظهار لكبريائه وجلالته، وأنهم بعداء من أن ينسبوا إلى ما يشاركوني، كقوله تعالى: {وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً} تحقيراً لهم وتصغيراً لشأنهم.

ومن ملاطفته بالخطاب معه صلى الله عليه وسلم، وأن ما صدر أو يصدر منه مغفور، وجعل فتح مكة عليه للمغفرة والنصرة وإتمام النعمة والهداية إلى الصراط المستقيم وإنزال السكينة في قلوب المؤمنين، انظركم التفاوت بين هذا الوعد وذلك الوعيد.

وأما بيان فضله على الأنبياء: فإن الآية دلت على أن لكل نبي مرسل إلى قوم مخصوص وهو صلى الله عليه وسلم مرسل إلى كافة الناس، ولا ارتياب بأن الرسل إنما بعثوا لإرشاد الخلق إلى الطريق المستقيم وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الملك العلام، فكل من كان منهم في هذا الأمر أكثر تأثيراً كان أفضل وأفضل، فكان له صلى الله عليه وسلم فيه القدح المعلى، وحاز قصب السبق، إذ لم يكن مختصاً بقوم دون قوم، وزمان دون زمان، بل دينه انتشر في مشارق الأرض ومغاربها، وتغلغل في كل مكان، واستمر امتداده على وجه كل مكان، زاده الله شرفاً على شرف، وعزاً على عز، ماذر شارق ولمح بارق، فله الفضل بحذافيره سابقاً ولاحقاً، ولقد صدق الله وعده في قوله تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون} وحقق قول حبيبه صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به من قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>