٢٧٢ - وعن عبد الله بن مسعود، قال: يا أيها الناس! من علم شيئاً فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن تقول لما لا تعلم: الله أعلم. قال الله تعالى لنبيه:(قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين). متفق عليه.
ــ
العرض، وأمرت بالتجرد عن المغفر والدرع لتمتحن بالمبارزة مع بعض الشجعان، فإذا هي عجوز ضعيفة، فقيل لها: أجئت للاستهزاء بالملك؟ ولاستحماق أهل حضرته؟ فحينئذ تنكل نكالا ليس بعده. هكذا حال المدعين في القيامة إذا كشف عنهم الغطاء، وافتضحوا على رؤوس الأشهاد.
وقال: منهم طائفة ادعت علم المعرفة، ومشاهدة الحق، ومجاوزة المقامات والأحوال، ولا يعرف هذه الأمور إلا بالأسامي والألفاظ، إلا أنه تلقف من ألفاظ الطامات كلمات فهو يرددها، ويظن أن ذلك علم أعلى من علم الأولين والآخرين، فهو ينظر إلى الفقهاء والمفسرين والمحدثين بعين الازدراء فضلاً عن العوام، حتى إن الفلاح يترك فلاحته، والحائك حياكته، ويلازمهم أياماً، ويتلقف منهم هذه الكلمات المزيفة يرددها، كأنه يتكلم عن الوحي، ويخبر عن سر الأسرار، ويستحقر بذلك جميع العباد والعلماء، فيقول في العباد: إنهم أجراء متعبون، ويقول في العلماء: إنهم بالحديث عن الله تعالى محجوبون، ويدعي لنفسه أنه الواصل إلى الحق، وأنه من المقربين، وهو عند الله من الفجار والمنافقين، وعند أرباب القلوب من الحمقى الجاهلين.
ومنهم من يقول: الإعمال بالجوارح لا وزن لها، وإنما النظر إلى القلب، وقلوبنا عاكفة والهة بحب الله تعالى، وإنما نخوض الدنيا بأبداننا وقلوبنا في الحضرة الربوبية، فنحن مع الشهوات بالظواهر لا بالقلوب، وهم يرفعون بذلك درجة أنفسهم عن درجات الأنبياء إذ كان يصدهم عن طريق الله خطيئة واحدة، حتى كانوا يبكون عليها وينوحون سنين متوالية.
وأصناف غرور أهل الإباحة من المتشبهين بالصوفية لا تحصى، وأنواع الغرور في طريق السلوك إلى الله تعالى لا تحصر في مجلدات، ولا تستقصي إلا بعد شرح علوم المكاشفة، وذلك مما لا رخصة في ذكره، إذ السالك لهذا الطريق لا يحتاج إلى أن يسمعه من غيره، والذي لم يسلكه لم ينتفع بسماعه، بل ربما يستضر به؛ إذ يورثه ذلك دهشة من حيث لا يسمع ما لا يفهم.
الحديث الثالث والعشرون عن عبد الله: قوله: ((أن تقول لما لا تعلم)) ((أن تقول)) اسم ((إن))، و ((من العلم)) خبره. و ((الله أعلم)) عبارة عن لا أدري. أي بعض العلم قول لا أدري. وذلك أن المفتي إذ أفتى بكل ما يسأل لا يخلو إما أن يكون جد عالم، أو يكون بخلافه، كما ورد:((حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضوا وأضلوا))، أو يكون